الفنون

مخاض

هرع الرجل صائحا: “يا دكتور زوجتي تصرخ!”

– أعلم والله، دعها تصرخ قليلا، ستلد طبيعيا ولا تقلق، لكنه المخاض.

– ولادة متعسرة يا دكتور؟

– سمها ما شئت، انتظر

……….

في ردهة المستشفى بكاء وصياح آخر.

-لا إله إلا الله، أجله قد حان، كان رجلا طيباً.

– من؟! كان يأكل أموال اليتامى! احملوه حيث يواريه التراب.

– حرام عليك ..اذكروا محاسن موتاكم!

– لو وجدتَ محاسنا

………..

مجلة الجميلات والشرق

تنتظر الإسعاف بالبوابة، تحملهم وخلفها طفل لم يزل في السادسة، يحمل الورد البلدي والفل، يبتسم، يحاول بيعها لزائر ..

-ورد يا بيه؟ فل وياسمين؟ هدية للعيان يطيب.

لم يره أحد. وقعت وردة. داستها أقدام المهرولين.

…..

على جانب الطريق الآخر يتصايح شاب وفتاة، أخرج مطواة، مررها على عنقها بكل برود! نزفَتْ حتى استكانت. قيدوه وحملوه بعيدا. وضعوه في قفص ذي أبواب أربعة. صاح أحدهم: “مسكين ذهب عقله!”

قال الآخر: “مجرمة سلبت عقله!”

قال ثالث: “أحبها حتى قتلها، وأسلَمَتْه حيث المشنقة.”

راقبَتْهم امرأة خائفة ترتعد، هتفت “أليس منكم رجل رشيد؟!!”

نصبوا المنصة في عرض الطريق، رفعوا أياديهم بالهتاف: “يحيا العدل”! ولما ينطق القاضي الحكم، نظر القضاة للجمع، زاد الهتاف، نصبوا سورا حولهم. انبرى من بينهم سَحَرة، أصر كل منهم على تقديم فقرته كاملة أمام القاضي؛ ليضحك الجمهور، وتستقر في نفوس الحضور الحقيقة.

قال منادي المحكمة: “أين المتهم؟”

قال القاضي: “أي متهم؟!”

….

خرج أحد الحشود من داخل السور المنصوب فورا؛ فما عاد الهواء يصلح للتنفس، قادَتْه قدماه إلى أبواب المستشفى. وضعوه على جهاز التنفس الصناعي، بدأ يفقد حياته تدريجيا. تنامت إلى مسامعه صرخات اخترقت أذنه، فتح عينيه، سأل الممرضة عن تلك الصرخات قالت: “ولادة متعسرة.”

رجع الطبيب للزوج يطمئنه، أن الوضع مستقرٌ.

-عليك بالصبر حفاظا على حياتها وحياة المولود، لا تقلق ستفرح قريبا

– تعبتُ يا دكتور، فقد طال المخاض.

بواسطة
أحمد النظامي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى