
قصة النبي عيسى عليه السلام
النبي عيسى هو عيسى بن مريم أحد أولى العزم الخمسة من الرسل. ولد في فلسطين في المكان الذي يطلق عليه الآن بيت لحم، ولقب بألقاب متعدده مثل المسيح، وروح الله، وكلمة الله، ورسول الله، وعبد الله.
كيف ولد عيسى عليه السلام؟ بينما كانت مريم البتول تتعبد، جاءها الملك جبريل وبشرها أنها سوف تضع طفلا مباركا ورسولا. شعرت بالخوف والرهبة والقلق إذ كيف تصبح أما ولم يمسسها بشر؟ وكيف تواجه قومها؟
وحين شعرت بألام المخاض، ذهبت إلى مكان بعيد وجلست في ظل نخلة، وقالت: ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا. ويذكر لنا القرآن الكريم لحظة الولادة: ﴿فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا. وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا. فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا﴾ “مريم:24-26”.
شعرت مريم ببعض الاطمئنان فحملت طفلها، وعادت إلى قومها الذين تعجبوا وسألوا كيف أصبحت تلك العابدة التقية أماً بدون زواج، وهي سليلة عائلة من الصالحين، وكان يربيها ويكفلها النبي زكريا؟ فلم ترد واكتفت بالإشارة إلى وليدها. هنا فوجيء القوم بالطفل يقول: ﴿إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا. وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا. وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا﴾ “مريم:30-32”.
دعوة عيسى عليه السلام
عندما وصل عيسى إلى سن الرشد، بدأ يدعو بني إسرائيل لعبادة الله ونبذ الشرك، فلم يستجيبوا لدعوته وتعرضوا له بالأذى، وزوده الله تعالى بعدة معجزات حتى يدرك القوم أنه نبي مرسل لهدايتهم، فآمن به بعضهم، بينما ظلت مجموعة منهم على ضلالهم.
معجزات عيسى عليه السلام
تعتبر ولادة عيسى بدون أب معجزة، كما أن حديثه وهو لا يزال رضيعا في المهد معجزة، ومنحه الله تعالى قدرات ومعجزات أخرى في شبابه، فقد كان قادرا على إحياء الموتي بإذن الله تعالى، وكان يبريء الأكمه والأبرص، وكان يقوم بتشكيل هيئة طائر من الطين ثم ينفخ فيه فيتحول إلى طائر حقيقي يحلق بجناحيه.
رغم كل تلك المعجزات ظل بعض بني إسرائيل مصرين على الشرك. أما الحواريون، وهم تلاميذه وأتباعه الذين آمنوا به، فطلبوا منه أن يسأل الله عز وجل كي ينزل لهم مائدة من السماء. استنكر عيسى منهم ذلك الطلب لكنهم ألحوا وأخبروه أن القوم المشركين منعوا عنهم الطعام، وأن نزول تلك المائدة يعد بمثابة معجزة تؤكد لهم نبوة عيسى، ومصدر بركة وسعادة لهم.
دعا عيسى ربه فاستجاب وأنزل عليهم المائدة، وحذرهم عيسى من عقاب الله لمن يرتد منهم عن الإيمان بعد نزول المائدة. وأثارت تلك المعجزات غضب وخوف المشركين فقد شعروا أن الناس سوف يفتنون بالنبي عيسى، فقرروا قتله.
رفع عيسى عليه السلام إلى السماء
كان عيسى مجتمعا بأنصاره وتلاميذه بينما كان عدد من المشركين يخططون لقتله. وذكرت روايتان في هذا الصدد. الرواية الأولى مفادها أن شخصا منافقا يقال له يهوذا هو الذي أخبر المشركين عن مكان الاجتماع فجعله الله بنفس هيئة عيسى، فلما اقتحموا المكان أخذوا ذلك الشخص وقتلوه وصلبوه اعتقادا منهم أنه عيسى.
بينما ذكر في الرواية الثانية أن الله تعالى جعل جميع المجتمعين في صورة عيسى فهدد المشركين بقتل جميع المجتمعين ما لم يخرج لهم عيسى، فتطوع أحد الحواريين وخرج فتم قتله وصلبه.
في الحالتين لم يقتل عيسى عليه السلام ولم يصلب، وإنما رفعه الله تعالى إليه بجسمه وروحه وفي ذلك تقول الآيات: ﴿إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلىّ ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون﴾ “آل عمران:55”.
ولفظ “متوفيك” الموجود في الآية لا يدل على الموت، بل هو لفظ يحمل أكثر من معنى. فقد ذكر نفس اللفظ بمعنى النوم في آيات أخرى مثل ﴿وهو الذي يتوفاكم بالليل﴾ “الأنعام:60”. كما أن الله تعالى بشر عيسى أنه سوف يرفعه إليه ﴿يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا﴾، وهذا يتنافى مع قتل وصلب عيسى، ولفظ “متوفيك” في هذه الآية يعني “قابضك”، فيقال توفى فلان دينه أي قبضه، فيكون المعنى هنا من “متوفيك” أن الله قد قبضه إليه حيا.
نزول عيسى في آخر الزمان
يقول الرسول محمد (ﷺ)، “والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد”. ففي آخر الزمان، ينزل عيسى ويقتل الدجال ويحكم بالشريعة الإسلامية، وينشر العدل، وتصبح السجدة الواحدة خير من الدنيا وما عليها.
الدروس المستفادة من قصة عيسى عليه السلام:
– ينبغي عدم المبالغة في تقدير الأنبياء والصالحين إلى درجة الشرك. وهذا بالطبع لا يعني التقليل من شأنهم ولكن يقصد به عدم وضعهم في مقام الربوبية. فالمسيح يقول: أنا عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا.
– ينكر بعض الناس رفع الله عيسى حيا رغم أنهم يقبلون بفكرة ولادته بدون أب وحديثه في المهد، كما يقبلون بفكرة خلق آدم عليه السلام بدون أب أو أم، فلم هذا التناقض في التفكير؟ ولا شك أنه من المسلّم به أن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء.
ولنا في قصص الانبياء عبرة …