
لماذا لا نستطيع الحصول على كل شيء؟
ماذا سيحدث إن حصلنا على كل ما نريد؟
نحن في صراع دائم من أجل الحصول على كل شيء. نريد الحصول على وظيفة هامة، ومرتب عال، وحياة مثالية، وأطفال مثاليين، وأحدث وسائل التكنولوجيا، وصحة جيدة، وجسد رياضي،… إلخ. نحن دائمًا ما نريد. نريد فقط! ونريد أن نحصل على كل أمانينا بسرعة وربما أيضًا بدون مجهود.
ولكن ماذا سيحدث إن حصلنا على كل ما نريد؟ سنظل نبحث عن شيء آخر! أي شيء. لأن طبيعة النفس البشرية هي السعي الدائم من أجل تحسين جودة الحياة. ولكن هل نستطيع أن نحصل على كل ما نريد؟ الإجابة هي لا. إن أحد تحديات الحياة هو مواجهة حقيقة أننا لن نمتلك كل ما نريد؛ سواء أكان هدفًا نسعى إلى تحقيقه منذ سنوات أو شيئًا نأمل في شرائه. ولذلك كثيرًا ما نشعر بالتعاسة. فطوال مسيرتنا عبر الحياة، لا نتوقف لننظر إلى ما لدينا بالفعل كي نستمتع به، ولكننا نبحث عن شيء آخر لنطارده. نحن دائمًا نريد المزيد سواء أكان مكان أفضل للعيش فيه، أو علاقة أفضل، أو الترقي في العمل، أو حتى المزيد من الوقت لأنفسنا. دائمًا ما يظهر هدف جديد أمامنا كلما حصلنا على ما قبله.
إن أحد تحديات الحياة هو مواجهة حقيقة أننا لن نمتلك كل ما نريد
مع كل هدف نضعه أمامنا، نحفر لأنفسنا طريق الاحتياج إلى المزيد. لكن السعي وراء أهدافنا لا يجب أن يتسبب في حالة دائمة من عدم الرضا، لأن السعي في حد ذاته هو سبب لسعادتنا. يقول إيفان طومسون، أستاذ الفلسفة في جامعة كولومبيا البريطانية، إن مجال الفلسفة بأكمله يمكن اعتباره مثالًا لهذا الدافع الساعي. فبدلاً من الخروج بإجابة فلسفية ثم التوقف، قانعًا بالحل، يقول طومسون إن العديد من الفلاسفة يقولون إن البحث هو غاية في حد ذاته. وهذا هو بالضبط سبب عدم قدرتنا على الحصول على كل شيء. فإذا كان لدينا كل شيء، فلن يكون لدينا هدف نسعى لتحقيقه. الحقيقة أن العديد من أسعد لحظاتنا هي عندما نرى نتيجة السعي وراء أهدافنا. نحن بحاجة إلى شيء نكافح من أجله. فبدون أهداف، نفقد الدافع الأكبر والشعور بالأمل في حياتنا. فأن نحيا بلا هدف هو أن نموت؛ أو كما قال دوستويفسكي: “سر الوجود البشري ليس في البقاء حياً، بل في إيجاد ما تعيش لأجله”. ولكن يجب أن نعرف متى نتوقف وألا يؤثر الإخفاق في الوصول لهدف ما على حياتنا؛ فنتحطم.
إن البحث هو غاية في حد ذاته
معظمنا لن يحقق أبدًا كل ما يريده. سوف نستمر في الركض خلف رغباتنا. فالحياة الناجحة بالنسبة لمعظمنا تُقاس بتحقيق أهدافنا، ولكن يجب أن نعي أن الحياة لن تعطينا كل ما نريد. فنحن ببساطة نفشل في مساعينا لأسباب عديدة خارجة عن إرادتنا. ولكن تلك اللحظات التي نشعر فيها بالإخفاق، والألم، واليأس هي ما تبني شخصيتنا. عندما نمر بتلك اللحظات سنجدنا في النهاية شخصًا أكثر حكمة وأجمل مما كنا نتخيل. فمن خلال هذه التغييرات الصعبة في الحياة، ننمو لنصبح أفضل وأقوى.
قد لا نصل أبدًا إلى نقطة يكون لدينا فيها كل ما نريد، ولكن يمكننا بالتأكيد تقدير الأشياء التي لدينا والاستمتاع بعملية الحصول على الأشياء التي نأمل فيها. ولنتذكر مقولة الدالاي لاما: “تذكر أنه في بعض الأحيان عدم الحصول على ما تريد هو ضربة حظ رائعة.”



