
كثيرا ما تتهم النساء بالنكد و إفتعال المشاكل بسبب كثرة التقلبات المزاجية وسرعة الإنفعال اللذان يؤثران بشكل سلبى على علاقتهن بمن حولهن، وعادة ما يتم إرجاع هذا الأمر للهرمونات دون دراية صحيحة بحقيقة الأمر.
فما هى الحقيقة العلمية وراء هذا الإعتقاد؟ هل هناك سبب علمى وراء تلك التقلبات المزاجية؟ وهل هناك حل لتلك المشكلة المؤرقة؟ هذا ما سنتناول شرحه فى السطور التالية.
تتعرض النساء فى سن الإنجاب إلى تغييرات شديدة فى مستويات هرمونى الأنوثة “الإيستروجين” و”البروجيستيرون” بالجسم على مدار الشهر لإتمام عملية التبويض وحتى فترة نزول الطمث فى حالة عدم التخصيب.
هذه التغيرات فى مستوى الهرمونات تنعكس فى صورة أعراض نفسية وجسدية تعانى منها المرأة معظم الشهر، بدءا من فترة التبويض حيث تزداد تلك الأعراض فى شدتها مع الوقت، إلى أن تنتهى بإنتهاء فترة الطمث، ثم تختفى لمدة اسبوع واحد، لتعاود الظهور مرة أخرى مع بدء دورة التبويض الجديدة.
هذه الأعراض تأخذ أشكالا مختلفة لدى كل امرأة، إلا أن الأبحاث العلمية إستطاعت حصر الأعراض الأكثر شيوعا لدى معظم النساء وهى:
الأعراض الجسمانية: إنتفاخ البطن، تورم الجسم، زيادة الوزن، الهبات الساخنة، الإمساك، ألم بالثدى، الصداع، حب الشباب، الرشح، وزيادة ضربات القلب.
الأعراض النفسية: التوتر، الإكتئاب، الهياج، التقلبات المزاجية، إضطرابات الشهية، العنف، فقد الطاقة، النسيان و قلة التركيز، إضطرابات النوم و الفوبيا.
هذه الأعراض إذا كانت متكررة كل شهر ما خلا اسبوع ما بعد الطمث فقط و بحدة شديدة، تؤثر سلبا على حياة المرأة وعلاقاتها، تسمى علميا بإسم “متلازمة ما قبل الطمث”.
كلمة “متلازمة” تستخدم علميا لوصف مجموعة من الأعراض التى لا يمكن تصنيفها كمرض عضوى، إلا أنها أعراض مرضية فى حد ذاتها.
وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن هذه المتلازمة تصيب 30% إلى 80% من النساء فى سن الإنجاب وأن الأعراض تكون شديدة فى حدتها لدى 20% إلى 30% منهن.
وعلى مدار السنوات، تم دراسة تأثير العديد من العلاجات الدوائية والتى أظهرت نتائج متغايرة بين النساء مما أثبت أنه لا يوجد علاج واحد يناسب كل النساء، أو يعطى نتيجة مضمونة معهن، بل يجب التعامل مع كل إمرأة بحسب إستجابة جسمها.
و قد لوحظ أن الإستجابة الأفضل كانت لثلاث فئات من الأدوية وهى:
المهدئات ( البنزوديازيبينز)، لكنها تسبب الإدمان لذلك يجب الحظر من الإفراط فى تناولها،
ومضادات الإكتئاب والعلاج الهرمونى، الذى يحتوى على هرمون البروجيستيرون وهو الأكثر شيوعا فى الأستخدام حاليا،
كما أن هناك دراسة أثبتت أن تناول المكملات الغذائية التى تحتوى على كربونات الكالسيوم بجرعة 1200 ملجم لها تأثير فعال فى الحد من أعراض متلازمة ما قبل الطمث.
هذه العلاجات الدوائية يفضل أن تكون مصاحبة لنظام غذائى يتناسب مع إحتياجات الجسم فى هذه الفترة، وكذلك مع تمارين التحكم فى الضغط العصبى، والتى لها بالغ الأثر على الجانب النفسى للمرأة.
وأخيراً، إذا كانت هذه الأعراض تهاجمك بشدة كل شهر، وتؤرق حياتك، فلا داعى للخجل ولا تستسلمى لما يلصق بكِ من إتهامات باطلة، بل كل ما عليكى هو زيارة طبيبك المختص للتعامل مع الأمر بوعى والحفاظ على صحتك الجسدية والنفسية والتمتع بحياة ترضيكِ.