علاقتنا مع الأكل

حسيت إن فيه مشكلة كبيرة مكنتش مدركة وجودها أو ما ابتديت الcoaching ، لكن الحقيقة بعد كذا سنة من الاندماج في مجال التغذية، حابة اتكلم عنها: احنا كستات عندنا مشاكل كبيرة مع الأكل ونظام حياتنا، أكبر بكتير من أنها تتحل بنظام دايت أو اشتراك في جيم.

أنا اتعاملت وسمعت لعدد كبير من البنات والسيدات من جميع الأعمار والظروف: اللي عايزة تخس حاجة بسيطة، واللي بقالها سنين بتعمل كل أنواع الدايت ووزنها في زيادة مستمرة، والجدة اللي محتاجة تنزل في الوزن علشان عندها مشكلة صحية، والأم اللي عايزة بنتها تخس عشان قلقانة أن وزنها يأثر في نفسيتها. أغلبهم، أو كلهم، عندهم حاجة واحدة مشتركة: علاقتهم بالأكل مضطربة! علاقة فيها حب ومتعة، مع خوف وتوتر، وإحساس مستمر بالذنب.

طبعاً مفهوم المشكلة جاية منين. من وإحنا صغيرين وإحنا بنسمع رسالة موحدة من الأهل والدكاترة والإعلانات بتاعة كبسولة التخسيس وشاي منج: الجسم الرفيع دليل على الصحة والجمال!

مش مهم بقى نوصل للجسم ده إزاي، مش مشكلة إن محدش فهمنا مبدأ التوازن وكل اللي قدرنا نوصله إن الحل في الدايت أبو بيضة مسلوقة، واللي تخس أسرع وأكتر تبقى هي الأشطر.

طبعاً الموضوع كبر وموضة الرفع المرضي بتاعة التسعينات كانت كفيلة بظهور جيل كامل من الستات اللي عندها اضطرابات أكل، أو على الأقل مشاكل أبدية مع الأكل بشكل عام، مع تعرض رهيب لكمية مرعبة من الmixed messages:

الجلوتن فيه سم قاتل

السكر بيموت

الساندوتش ده فيه ٥٦٤ كالوري و نص

كلي لحمة

لا بطلي لحوم و كلي برسيم

Moderation works!

No, it doesn’t!

شكله كده السر في الmoderation.

خليكي في الmoderation – لا سيبك من الmoderation!!

اعملي كيتو – لا سيبك!

هورموناتك ضاربة

تعالي اظبطلك كل حاجة بعصير الكرنب ده

خسي!!

كلي!!

بطلي أكل!!

وللأسف الشديد، فيه ناس عندها خبرة كبيرة في مجال التغذية والرياضة، بتبيع الوهم للناس، وتنتهي علاقتهم بجسمهم وبالاكل تزداد سوءاً وتشوهاً.

ونلاقي نفسنا دخلنا في حلقة من اللوم واتهام نفسنا بالفشل، واحنا بنشوف صور ماقبل ومابعد – “انتي اللي معندكيش إرادة ومعرفتيش تلتزمي!” مع إن 95% من الناس بيرجعوا اللي بيخسوه في الدايت القاسي أو الأنظمة إللي فيها ممنوعات كثيرة.

عايزة أقولكم حاجة من قلبي، باعتباري ضحية سابقة لثقافة الدايت ومن واقع خبراتي المهنية:

صلحوا علاقتكم بالأكل!

الأكل مش بس للتغذية، الأكل متعة، وربنا يكفينا شر سدة النفس.

بطلوا توصفوا أنواع الأكل بـ”good” و”bad”.

كفاية “بوظت النهاردة” وكلمة cheat day.

بطلوا تعاقبوا نفسكوا عشان أكلتوا حاجة مش “صحية”، وتسمعوا للناس اللي بتخوفكم من كل نعم ربنا!

طبعاً مهم إننا ناكل أكل مفيد لجسمنا، ونحاول نقلل من الأكل اللي مش بنفس الفايدة كأسلوب حياة عام، لكن ده عمره ما حصل، ولا هيحصل، طول ما احنا بناكل واحنا خايفين نعيا، ومرعوبين نتخن، وكارهين نفسنا!

بالنسبة لسؤال “ناكل ايه؟”

الموضوع بسيط، بس المستفيدين من تعقيده هم اللي ملخبطينكم!

كلوا اللي انتوا عايزينه، مع التركيز على الأكل اللي بيصنف minimally processed – يعني على الهيئة اللي ربنا خلقها عليه. لما نفسك تروح لحاجة تانية، كليها عادي، ومتحطيش قواعد للأكل food rules، عشان آخرة الموضوع ده ممكن توصل للأكل المفرط binge eating وأشياء أخرى.

طيب لو حد عنده مشكلة نفسية مع الأكل؟ في الحالة دي، الدايت برضه حيضر أكتر ما حينفع، ولازم اللجوء لمتخصص في العلاج النفسي والتركيز برضه على خلق علاقة صحية مع الأكل.

من الآخر، علاقتك مع الأكل أهم كتير من اللي بتاكليه. لما تاكلي وإنتي مستمتعة وجسمك مرتاح من الغذاء اللي بتديهوله، ومش مستنية من حد أو حاجة تفرض عليكي مسموحات وممنوعات، هتلاقي إنك تلقائياً ابتديتي تشوفي نفسك وعاداتك بطريقة إيجابية، وهتتشجعي تكملي المسيرة.

ارجوكم يا جماعة!عايزين نربي جيل جديد من البنات علاقتهم سوية مع الأكل ومع أجسامهم.

وده مش حيحصل لو فضلنا ندخل من دايت إلى دايت، ومن أدوية تخسيس لحقن إذابة الدهون.

الحل في التصالح مع الأكل ومع حبنا ليه ولنفسنا، ومعالجة أصل المشكلة عند كل واحدة فينا، بدون ضغط أو تأنيب ضمير.