
أنا خائفة …
اتصلت علي صديقتي، تريدني أن أزورها ضروري .. فقلقت عليها، وذهبت إليها سريعا .. طرقت بابها وإستقبلتني بلهفه وبعد السلامات المعتاده سألتها عن حالها فقالت: إني متعبة نفسيا … أنا خائفة!
واستطردت: لطالما انتابني هذا الشعور بالخوف والإضطراب، ليس بالضروره لأني أعمل شيئاً خطأ، ولكن أحيانا لأني اعمل شيئاً صح .. لا أعرف مسمى لهذا الذي يضعفني ويضعف قراراتي حتى يؤثر على مشاعري تجاه الأشياء … هو اضطراب نفسي ليس له مبرر ولكن أعتقد أنه نتيجة لأزمة ما أو موقف ما تعرضت له في صغري أو شبابي، لا اكاد أتذكره، ولكن أثره باق داخلي .. فهو يلاحقني إلى الآن وقد تجاوزت سن الشباب ومع ذلك لازلت أخاف .. واعلم، تتساءلين صديقتي، ما الذي ذكرني به الآن؟ .. اليوم اهداني أبنائي هدية غالية بمناسبة عيد الأم … فرحت بها ليس لغلو ثمنها، ولكن لاهتمامهم بي، وتعبهم، وتكلفتهم من أجل إسعادي … أرى نظرة الإستغراب في عينيكي ولكن ستعلمين سبب خوفي …
اعترض زوجي على شرائهم هدية ثمينة في وقت عصيب كهذا من إرتفاع أسعار وغلو فاحش غير مبرر … ربما وجدته على حق … أحسست بخوف داخلي ينهشني وتبدلت سعادتي، وأخذت أحاسب نفسي أني تسببت في تكبد أبنائي ال هم أولى به… هو نفس الشعور الذي كنت أتعرض له في شبابي، عندما اشتري شئ لي أو افعل شئ لا يروق والدتي، واتعرض لوابل من اللوم، وربما الإهانة .. كنت أشعر بهذا الخوف….. وأشعر به إذا طلبت إذن زوجي للخروج لأمر ما ويعترض أولا كعادته، ثم يوافق .. فاشعر بهذا الخوف وأني غير مرتاحة .. على الرغم من أني إذا طاوعته، فلن اخرج من المنزل إلا لشراء ضروريات البيت من السوق فقط .. وهو نفس الشعور إذا خصصت كوب معين أو أي شئ قلت إنه لي، فلا يروق لزوجي أن يكون هناك خصوصية لي ..
أحاول أن أسيطر على هذا الشعور وأن أتشبث برأيي، ولا ألتفت لأهواء الآخرين ورغبتهم .. وقد أنجح ولكن لا أشعر بالسعادة …
هنا صمتت صديقتي، وأصابني الألم لأجلها؛ ولأنها عشرة عمري، وأعرفها منذ طفولتنا، ومررنا بجميع المراحل معا، ولكن دائما هناك سر مخبوء لايعرفه عنا الكثير، وأغلب ظني أن صديقتي أرهقت نفسيا وتريد تفسير مني لحالها نظرا لدراستي لعلم النفس … فنظرت إليها …
حبيبتي قد أرهقك تصرف الآخرين معك وأردت إلتقاط بعض الأنفاس … نعم إنك تتعرضين منذ زمن لضغوط لا مبرر لها؛ ولأنك مطيعة ومسالمة وحساسة، فتتأثرين بها …
فاوقفتني قائلة: حرت في نفسي وضن الفرحان يدخل قلبي ….
فبادرتها: أنت مصابة برهاب الفرح (شيروفوبيا)، ودائما تشعرين بأن السعادة يليها حدث سلبي يفسدها … وكذلك عندما تتعرضين للوم، تفقدي السيطرة على نفسك، وتضطربي داخليا، حتى لو حاولت التمرد على الآخرين وفرض رأيك عليهم …. كما أن النقد والتوبيخ يؤثر بك تأثير قوي، وتشعرين دائما أنك مخطئة، وتفقدي ثقتك بنفسك، فيعاودك الشعور بالخوف الذي أصبح متلازماً معك ….
فتنهدت صديقتي، وقالت: الخوف لا استطيع محاربته. انا فقط اوقفه عند حده، حتى لايسلبني حلاوة العيش أكثر …
فهونت عليها ونصحتها بأن تهتم بنفسها، وتثق بها، وألا تتخلى عن حياتها وخصوصياتها … وتركتها ولكن كلي ألم …
فأصحاب النفوس الحساسة يتعبون كثيراً بمخالطة متحجري القلوب.