
حكاية المقبقب ومشكاح وريمة
يحكى أنه في عصر من العصور، كانت قصة مشكاح وريمة غير ألف ليلة وليلة والفوازير.
كانوا أمراء لكن خدعهم المقبقب الوزير، احتال عليهم باسم الإنسانية وبرعايته لغير القادرين، وأنه بصدد إعلان قرار بمساعدة الفقراء والمساكين، حتى تعم العدالة في أرجاء سلطنة العادل الأمين.
وهناك إمارة تعاني من الفقر تدعي تمهرير، وفي يوم طلب مُقابلة الأمراء مشكاح وريمة لشرح رؤيته من أجل تغيير حالة إمارة تمهرير، التي يحكمها ابن عَمهِم الأمير جهير، وأن وضعها يزداد سوءًا يومًا بعد يوم من سوء حكم الأمير جهير، وأنه لا يهتم بفقراء تمهرير.
وبالفعل أقنع الوزير المقبقب مشكاح وريمة وذهبوا إلى سلطان البلاد لطرح المشكلة وحلها، وتم عزل الأمير جهير، وجعل الوزير المقبقب أمير على إمارة جهير، وبعد فترة ذهب المقبقب للسلطان العادل، وقال له بأن الإمارة التي يحكمها مشكاح وريمة تنهار من قلة خبرتهم وعدم وعيهم بالمحيطين، فأمر السلطان العادل بعزل مشكاح وريمة وضم إمارتهم لإمارة التي يحكمها المقبقب.
لكن المقبقب لم يكتفي بعزل الأمراء الثلاث واخذ إماراتهم، فظل يخطب في الناس ويقول بأن السلطان العادل غير قادر على حكم السلطنة وأصبح كبير، وأنا لكم ناصح أمين.
حزنوا الثلاث أمراء من عدم ثقة السلطان العادل وعدم السماع لهم قبل الحكم عليهم، لكن ما جعلهم أشد حزنًا عندما سامعوا المقبقب يخطب في الناس ويقول بأن السلطان غير قادر على حكم البلاد.
لأجل هذا ذهبوا مسرعين إلى سلطان البلاد وقصوا عليه ما فعله المقبقب، وقال السلطان العادل أسألكم الصبر حتى نتحرى ما فعل، وأستدعى السلطان العادل المقبقب وقال له: سأتنازل لك عن حكم السلطنة لكن بشرط أجمع كل طيور السلطنة في حديقة القصر.
قال المقبقب: وكيف سأجمع كل الطيور يا مولاي؟
قال السلطان: أحضر كل أنواع الحبوب من مالك الخاص وابذره وانثره في الأرض مُتفرقًا، وسيأتون إليك جميعهم من جميع الأنحاء في الصباح.
وبالفعل ذهب المقبقب إلى السوق ليسأل عن أنواع الحبوب لشرائها، فوجد أنه ينفق الكثير على الحبوب، فجاءته فكرة وقال سأشتري صحن صغير مليء من الحبوب، وهذا يكفي، وحتى لا أهدر أموالي على الحبوب لتأكلها الطيور.
ووضع الصحن الذي اشتراه في حديقة القصر، وفي الصباح لم يأتي سوى عشرة طيور، قال السلطان: هل هذا فقط كل الطيور التي بالسلطنة؟
قال المقبقب: نعم أنا فعلت ما أمرتني به.
قال الملك: حسنًا سنرى، وطلب السلطان من أحد العمال الذهاب إلى السوق لشراء عدة أنواع من الحبوب، وذهب عامل القصر واشترى عدة أَشوِلة من الحبوب ونثرها في حديقة القصر.
وفي اليوم التالي في الصباح فوجئ السلطان بمئات من الطيور بالحديقة، نظر السلطان للمقبقب وقال: أنت لا تصلح لحكم بيت صغير أيها المقبقب، أما الفقراء فأنا كفيل بهم!
وعزله من منصبه وسجن بتهمة الغش والاحتيال والتضليل، واعتذر السلطان العادل للأمراء الثلاثة واعاد لكل أمير إماراته.