
العابرون
هل مازلتَ تقف هناك وحيدا؟
شامخا، قائما، تنظر للعابرين في شفقة !
مر من هاهنا ألف ألف رجل وامرأة، مرت عشر سنين منذ أقمتُ داخل هذا الحيز العمراني، فسيح الأرجاء، مترامي الأطراف، تملأ النوافذ جهاته الأربع، مثل عيون تتربص بكل شاردة وواردة، أما الآن فقد أصبحت النوافذ بلا فائدة، أقاموا حولها أسوارا شاهقة، وامتلأت الأرجاء بالبشر من كل لون وحجم، يتناظرون، يتعاركون، يبكون، يضحكون، ثم يرحلون.
أشعر بوهن يدب في كل جزء مني، شروخي التي أصابتني مع العمر، اتسعت حتى أوشكت أن تُبرز أحشائي، العجيب انه ما من احد يهتم، أشعر بنهايتي الحتمية، وقد تحول الشرخ إلى فتح عميق يستحيل ترميمه.
صرختُ في البشر المارين : سأنهار، اهربوا الآن، ابحثوا عن مأوى آخر
فزع المارون، هرعوا نحو الباب الوحيد المفتوح، حتى ضاق بهم، ومع كل اهتزازة، يزدادون فزعا، ويندفعون، سقط بعضهم ميتا تحت الأقدام الهاربة، جلس البعض الآخر ينتظرون النهاية الحتمية، أما من نجح في الهرب فقد أصابه جنون لحظي من هول الموقف.
الآن تحطم نصفي، ظل السقف محتملا مدة وجيزة، حتى تهاوى، وبقيت انا نصف قائم لأروي مشهد النهاية.



