رمضانياتكنوز تراثية

صلاة التراويح

أشعر دائما بالحزن والأسي بسبب عجزي عن أداء صلاة التراويح، وذلك للألام التي أشعر بها في ظهري ورقبتي، وبالرغم من أن صلاة التراويح سنة، وليست فرضاً، إلا أن لها مكانة مميزة في قلوبنا جميعا، ومن يعجز عن أدائها لأي سبب، حتي ولو لعذر طبي، يحزن كثيرا.

وبالرغم من أني دائما أقرن إسمها “بالترويح عن النفس”، إلا إنني إكتشفت أن معناها ليس كذلك. وبالرغم من أن جميع المسلمين يؤدونها كل عام، إلا أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يداوم عليها، خشيةً أن تُفرض على الأمة الإسلامية. وبعد وفاة النبي (ﷺ)، قام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإحياءها.

سميت صلاة التراويح بهذا الإسم، حيث أنها جمع ترويحة؛ لأن المصلين أول ما إجتمعوا عليها يستريحون بين كل تسليمتين، كما قال الحافظ إبن حجر. وتعرف كذلك بقيام رمضان، وهذا هو السبب الصحيح الدقيق لتسمية صلاة التراويح بهذا الإسم، إلا أنها بالنسبة لي ترويح عن النفس، وتبعث في القلب الطمأنينة والراحة النفسية، لذلك إفتقدتها كثيرا عندما توقفت تماما عن أدائها، خصوصا وأني كنت أحرص دائما علي صلاتها في المسجد وسط جموع المصلين، وكان ذلك يُشعرني بالسعادة الغامرة؛ لأننا كنا جميعا نتشارك هذه التجربة الروحانية الرائعة وسط أجواء شهر رمضان المُبهجة.

أما عن بداية صلاة التراويح وأصل نشأتها، فأول من صلاها هو النبي (ﷺ)، ولكنه – كما أوضحنا – لم يداوم عليها خشية منه أن تُفرض علي المسلمين، ففي كتاب “الموطأ” للإمام مالك، فإن الرسول (ﷺ) صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناس كثيرة، ثم صلى من القابلة، فكثروا، ثم إجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: “قد رأيت صنيعكم، فما يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرض عليكم”، وحدثت هذه الواقعة في رمضان، ولكن لم يُذكر في السنن أو كتب التفسير في أي الأعوام قام بذلك.

ولما تُوفي النبي (ﷺ) زالت هذه الخشية، وكان الخليفة أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – مُنشغلاً بحروب المرتدين، وكانت مدة خلافته سنتان فقط، فلما جاء عهد الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وإستتب أمر المسلمين، جمع الناس على صلاة التراويح في رمضان، فقام بإحياء هذه السنة المؤكدة ولم يبتدعها كما يزعم بعض الناس.

وبذلك فإن صلاة التراويح من الطقوس الروحانية الجميلة التي يتميز بها شهر رمضان، وأنصحكم جميعا بأدائها طالما لديكم المقدرة، حتي لا يفوتكم هذا الإحساس الرائع بالطمأنينة والراحة النفسية، الذي تبثه صلاة التراويح في النفس البشرية.

وبالرغم من أنها سنة مؤكدة وليست فرضاً، إلا أنها تجربة روحية يندم كثيراً من لم يمر بها، وبالرغم من خشية النبي (ﷺ) من أن تُفرض علي المسلمين، إلا أنها لازالت حية بيننا حتي الآن، وذلك بفضل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى