أصول الروشنةالعلاقات الأسرية

حق الحياة

حق الحياة

لكل إنسان الحق في أن يعيش حياته ويتمتع بها كما يريد، ولا يحق لأحد أن يتدخل في نظام حياته او إختياراته؛ لأننا – كما نقول – كل واحد حر.

ولكن للمجتمع  رأى آخر؛ لأن المجتمع الآن له وجهات نظر مختلفة للرجل والمرأة، أو اخترع تصنيف لا وجود له في أي شريعة أو قانون. فحق الحياة مكفول فقط للرجل دون المرأة تحت أي ظرف وأى شروط، وكأن الدنيا كلها للرجل فقط.

الرجل يتزوج وهو مطلق وأرمل ومريض وكبير في السن، ولا يعترض أحد، بل يشجعه من حوله: إتجوز واحدة تربى عيالك، إتجوز واحدة تخدمك، شوف لك واحدة بدل ماتعيش لوحدك .. أما المرأة فلها سن معين، ويشترط الرجل فارق سن معين، وشهادة معينة، ويدخل الكثير من البيوت ليبحث عن الزوجة المناسبة له. واخترع لها المجتمع ظروفا أيضا مناسبة للزواج، فيجب أن تكون بنت بنوت، صغيرة في السن، وممكن مطلقة بلا أولاد. ومن تخطت الأربعين من العمر، لاحق لها في الاختيار. أي رجل يتقدم تتزوجه بلا شروط، ويحرمها المجتمع من المهر والأثاث الجديد، وعليها ان تقبل بلا اعتراض.

هذا المجتمع الظالم أعطى الرجل الحق في أن يتزوج على زوجته إذا شعر بعدم الرضا عن حياته معها، ولكنها مضطرة أن تعيش معه حتى وهى تعيسة. وأيضا من حق الرجل أن يطلقها؛ لأنه لا يشعر بالسعادة، دون أن يلومه أحد. وفى المقابل لا تستطيع  المرأة طلب الطلاق، لأسباب إجتماعية طبعا، ورفض المجتمع للقب مطلقة. وتسمع إعتراضات من كل من حولها: تطلقى ليه؟! عيشى لولادك! يادى الفضيحة! تبقى مطلقة! هو إنت لو إتطلقتى هاتتجوزى تانى؟! ضل راجل ولا ضل حيطة! والكثير من العبارات التي تجعل المرأة كالمسجون والمحكوم بمدة لا نهاية لها.

مجلة الجميلات والشرق

في الطلاق، يطلق الرجل زوجته ويبحث عن أخرى، ولا يلومه المجتمع أبدا. ولا يعتبر طلاقه نقص فيه! إطلاقا!! فهو رجل لا يعيبه غير جيبه، بينما المرأة المطلقة يلومها الجميع حتى لو لم يكن الطلاق خطؤها. وتتزوج من رجل كبير في السن أو أرمل أو مطلق، ولا يحق لها الاعتراض – يعنى بالبلدى ترضى بأى حاجة، وتحمد ربنا إنها لقت اللى يتجوزها.

بعد الطلاق، يبحث الرجل بسرعة عن زوجة؛ لأنه حقه. ويترك الأولاد في رقبة الزوجة لتتحمل مسؤليتهم وحدها. نادرا ما يأخذ الزوج أولاده ليعيشوا معه، وتظل المطلقة تربى الأولاد، ويراهم الأب في المناسبات فقط.

وإذا فكرت هي الأخرى في حقها في الحياة – في الزواج – أول من يعترض هو طليقها: مش هاخلى واحد غريب يربى ولادى! تتجوزى ليه إنت ناقصك إيه؟ هو إنت لسه عايزة تتجوزى؟ إلى آخر هذه الجمل المحبطة، والتي تدفن المرأة مهما كان عمرها  وتحرمها من حقها في الحياة، وتعيش وحيدة مع أولادها، دون ونيس أو جليس. ويستنكر المجتمع عليها رغبتها في الزواج، متناسيا حاجاتها وكأن الاحتياجات الجنسية حصرا للرجل فقط دون المرأة.

في بعض الأحيان يتزوج الأبناء ويذهب كل منهم في طريق. وتكبر الأم وحدها، ويعرض أحدهم عليها الزواج، فتقوم الدنيا ويهيج الجميع؛ لأن الأم ترغب في الزواج. وهذا حدث أمامى.

كان لى جارة تخطت الستين من العمر، ومات زوجها وتركها منذ سنوات، ولم بكتب لها الله إنجاب الأطفال. تعيش وحيدة تماما. وتقدم رجل كان زميلا لها في العمل، زوجته أيضا توفت.

سمعت هذه السيدة كمية من النقد والسخرية والشتائم لاحد لها. منتهى التخلف: دى ست بجحة! تتجوز في السن ده؟ عايزة تتجوز ليه؟ عجوز متصابية. وكلام جارح كتير. لماذا يستنكر المجتمع حق المرأة في الونس كما يعطيه للرجل؟

عندما شرع الله الزواج، لم يضع مثل هذه الحدود وحق الزواج يجب ان يكون للرجل والمرأة في أي سن. ولا يحق لأحد أن يمنع شرع الله عن أحد، ولا داعى أيضا لأن يعطى الشخص مبررات لزواجه، سواء كان رجلاً أو امرأة؛ لأنه حق مكفول للجميع!

لماذا، إذاً، يعطى المجتمع هذا الحق لأشخاص، ويستنكره على الآخرين؟

كلها إختراعات مجتمعية – أو خزعبلات مجتمعية – اخترعها أشخاص من أجل مصلحتهم، ويجب أن لا نلتفت إليها أبداً، ولا نعتبرها قوانين ثابتة يجب علينا ان نتبعها.مجلة الجميلات والشرق

يجب أن نقوم بتكسير هذه القوالب الجامدة التي اتبعناها لسنوات وأجيال، وحرمنا الكثيرين من الحياة.

يجب علينا ترك هذه الأفكار البالية المخترعة، وندع الخلق للخالق، لنربى أبناءنا على احترام الآخرين، واحترام حياتهم، ولايتدخل أحد في حياة أي شخص آخر؛ لأنه ليس من حقنا أن نحرم أي إنسان من حقه في الحياة.

امنحوا الحياة لمن يرغب فيها!

واكفلوا الحرية للجميع!

بواسطة
نجوى نصير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى