رمضانياتكنوز تراثية

ليالي رمضان مع جدو سليمان

الليلة 5

اليوم ياجدى سليمان، سوف تخبرني عن أشهر المشروبات والأطعمة والحلويات التي إرتبطت بشهر رمضان الكريم ، وأول شيء أريد أن أعرفه منك: ماهو أصل كلمة “ياميش” و”خشاف” و”قمر الدين”، ياجدي؟

حسناً يا سامى. ترجع أصل كلمة “ياميش” إلى تركيا، وتعني “الفواكة المجففة”، أما‏ ‏كلمة‏ “خشاف”، فقد إختلف على أصلها العلماء، ففي اللغة التركية تعني “منقوع التمر”، وفي الفارسية تعني “الشراب اللذيذ”، و”الخشف” فى اللغة العربية يعني “الثمار الجافة أو اليابسة”.

أما قمر الدين، فهو من المشروبات الشهيرة في شهر رمضان، واشتهر به أهل الشام، وتعود تسميته إلى بلدة صغيرة اشتهرت بصناعة “أمر الدين”، وهو عبارة عن ثمار المشمش المجفف، عن طريق جمع المشمش الطازج وتجفيفه بسبب قصر موسمه.

ويشمل الياميش الجوز (عين الجمل) والبندق واللوز والفستق، وكلها مواد مغذية غنية بالبروتينات والدهون والزيوت، ومن الفواكه المجففة الزبيب والكشمش (العنب المجفف الخالى من البذور) والمشمش المجفف (القيسى) وقمر الدين والتين المجفف والأراصيا الغنية بالسكريات والفيتامينات والمعادن والألياف.

ومتي  ظهرت المكسرات والياميش فى مصر، يا جدي؟

تناول قدماء المصريين المكسرات والياميش، فكانوا يصنعون‏ ‏الحلوى‏ ‏على‏ ‏شكل‏ ‏الإله‏ (“بس‏”، ‏إله‏ ‏الضحك‏ ‏واللعب‏ ‏عند ‏الأطفال‏، ثم تم إحياؤه مرة أخرى عند دخول الفاطميين إلي مصر، وكان علي شكل أسد يخرج لسانه.

وعرف المصريون طريقة تحضير الخشاف من العثمانيين، حتى أصبح المشروب الرسمى لشهر رمضان في مصر، ويعتبر أقدم الأسواق التى كانت تنشط فيها الحركة ‏خلال‏ ‏شهر‏ ‏رمضان،‏ والمشهورة ببيع الياميش  ‏بشكل‏ خاص،‏ ‏وكالة‏ ‏”قوصون”‏ بشارع النصر، و‏التي ترجع‏ نشأتها ‏إلى‏ ‏القرن‏ ‏الثامن‏ ‏الهجري، أي ‏القرن‏ ‏التاسع‏ ‏الميلادي، عندما أمر ‏ ‏الأمير‏ ‏سيف‏ ‏الدين‏ ‏قوصون بإنشائها‏.

و‏إنتقلت‏ ‏تجارة‏ ‏المكسرات‏ من وكالة قوصون إلى وكالة مطبخ العمل بالتمبكشية بحى‏ ‏الجمالية،‏ والتى خصصت ‏لبيع‏ ‏أصناف‏ ‏الياميش، ‏وقد أبدع المصريون في استخدام ياميش رمضان خلال شهر رمضان فتجده منقوعًا، ليلقب بسيد العصائر في رمضان، كما يستخدمونه في “حشو” القطايف والمكسرات.

ويبدع البعض ليضعه داخل العديد من الحلويات مثل صناعه البسكويت والكيكات والمهلبية والأرز باللبن لزيادة قيمتهم الغذائية للأطفال، فأيّن كانت الطريقة التى تأكل بها الياميش، فأنك لن تستطيع الاستغناء عنه ولن تحس بفرحة رمضان إلا في وجوده على طاولة طعامك.

ماهو، ياجدي، أصل البقلاوة والكنافة والقطايف؟

رغم الخلاف حول أصول البقلاوة بين الأتراك واليونانيين، لكن غالبية المؤرخين يجمعون على أصلها التركي، حيث عرفتها تركيا لأول مرة في عهد محمد الرابع، حيث كان يحب زوجته ماه يارا المعروفة بـاسم رابعة كلنوش سلطان، ولم يكن يأكل من يد أحد سواها، فاخترعت أكلة جديدة على المطبخ العثماني حيث جاءت بالجلاش، ووضعت بين طبقاته الحشو بأنواعه، وأضافت السمن وأنضجته في الفرن، ووضعت عليه العسل، وعندما قدمته له أقر أنه لم يتذوق مثله، ثم تم إطلاق اسم بقلافة عليه، ليتغير بعد ذلك إلى بقلاوة اشتقاقاً من البقوليات التي فيه.

ويقال أن الخلاف حول أصل القطايف لا زال قائماً، لكن أبرز الآراء تجمع على أنها أموية، تعود إلى عهد سليمان بن عبد الملك التي قُدِمت له ولضيوفه، فتناولوها بسرعة، فجاءت تسميتها قطايف اشتقاقاً من كلمة “اقتطاف” حيث كانوا يقومون بقطفها.

ونأتي للكنافة، فهي سيدة الحلوى بلا منازع في الشهر الفضيل، أما عن تاريخها، فقد ظهرت في دمشق عاصمة الخلافة الأموية حيث اشتكى معاوية بن أبي سفيان من شعوره المتكرر بالجوع فنصحه طبيبه السرياني بتناول طعام يحتوي على نشويات معقدة وسكريات عالية القيمة ودهون، ومن ثم لا يتم هضمه سريعاً فيقلل الشعور بالجوع.

وأضاف أن طباخ القصر ابتكر عجينة بسيطة سائلة ولعبت الصدفة دورها، حيث سقطت مغرفة قديمة في إناء العجين وعندما رفعها الطاهي سقطت خيوط رقيقة على الموقد سرعان ما نضجت، فأعجب الطاهي بشكلها وغمرها في السمن ثم أعاد تسويتها، وغمرها في شراب كثيف من العسل، وقدمها للخليفة الذي أعجب بها إعجاباً كثيراً، ومن ثم عرفت الكنافة بكنافة معاوية منذ ذلك الوقت ببلاد الشام، حتى تطورت إلى الشكل والاسم الحالي.

ياله من موضوع شيق، يا جدي! وأنا أعشق كل مايتعلق بالشهر الكريم، ولكن ياجدى لم تنته حكايتك لي عن شهر رمضان وطقوسه الخاصة وستخبرني بالمزيد، أليس كذلك؟

حسناً يابني، بالطبع! الحكايات عن شهر رمضان كثيرة ومليئة بالأسرار والتاريخ الشيق والذكريات الجميلة، التي لا يستطيع أن ينساها الصغير والكبير.

بواسطة
أحمد سامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى