المرأة العربية والإعاقة
الإعاقة حالة موجودة في كلّ المجتمعات، ولكن يختلف التعاطي معها من مجتمع إلى آخر، ولعلّ أبسط تعريف لها هو أنّها قصور يؤثّر في الإنسان، فيحتاج إلى الآخرين لمساعدته في تلبية حاجاته والقيام بأدواره في المجتمع. إلا أن هناك للأسف، في المجتمعات العربية، تقصير من الدولة والمجتمع في دعم هذه الفئة، وخاصة النساء منهم. فمع أنّ الإجحاف بحقّ النساء المعوقات يتشابه مع الرجال من الفئة ذاتها إلّا أّن المرأة تُظلم أكثر.
الإجحاف الأول هو عدم تقبل العائلات الأطفال من الفئة، والكثير من أهلهم ينتهي بهم الأمر إلى الطلاق، ويُنظر إليهم كعالة، ومعظمهم يُحرم من الإرث، حتى إنّهم لا يوفّرون لهم فرص التعلّم، ويعتبر هذا الإجحاف الثاني.
معظم النساء من ذوي الاحتياجات الخاصّة لا يتعلّمن، والسبب يعود إلى أنّ الأهل لا يرون جدوى من تعلّمهنّ، والسبب الثاني أنّ الدولة لا توفّر مدارس مختصّة لهذه الفئة في كلّ المناطق العربية، والكثير منهنّ يروين بأنّ إدارات المدارس لم تقبل بهنّ على الرغم من قدرتهنّ على الاندماج مع الأطفال الأصحّاء، وبالتالي هذا الإجحاف يؤدّي إلى حرمانهنّ من فرص العمل.
تنصّ القوانين في معظم الدول العربية على توظيف نسبة من ذوي الاحتياجات الخاصّة في كلّ شركة أو مؤسسة، ولكن تختلف هذه النسب بين الدول. فمثلاً ينصّ القانون اللبناني على أن يوظّف 5% من هذه الفئة، ولكن للأسف نادراً ما نرى شركة تلتزم بالقانون، وبالتأكيد المرأة لديها فرص أقلّ من الرجل كما أنّ الدولة لا تتشدّد في فرض القانون.
إضافة إلى الإجحاف بحقهنّ من العائلة والمؤسّسات التعليمية فإنّ المجتمع لا يرى إلّا إعاقتهنّ بدلاً من التركيز على قدراتهنّ، ولا يوفّر فرصة حتى يذكرهنّ بإعاقتهنّ من خلال الشفقة عليهنّ، وهذا يؤدّي إلى بقائهنّ في البيت وانعزالهنّ.
وعلى الرغم من أنّ منظّمة الصحّة العالمية تقدر بأنّ 10% من النساء عالميّاً من ذوي الاحتياجات الخاصّة، إلّا أّن الحركات النسوية نادراً ما تطالب بحقوقهنّ، أمّا في الشرق فلم نسمع بحركة نسوية مختصّة لدعم هؤلاء. لكن واجب النسوية العربية أن تحتضنهنّ مع أولادهنّ، كما تهتمّ بالأمّهات إذا كان أولادهنّ من هذه الفئة لأنّهنّ منبوذات اجتماعيّاً كالمطلّقات والعاقرات.
وهذه الفئة تحتاج إلى الرعاية الصحّية، وأهمّها الجلسات الفيزيائية، إلّا أنّ الدولة نادراً ما توفّر العناية لهنّ. كما أنّ الكثير منهنّ يحتجن الى أدوية باهظة الثمن، لكن فقط بعض الجمعيات – والكثير منها غربية – تؤمّن هذه الأدوية.
ولعلّ أقسى إجحاف تعاني منه هذه الفئة هي إلغاء وجودها وكأنّها ليست إناثاً فلا يتقبّل المجتمع ولا أهلهنّ أن يتزوجن أو أن يعشن حتى قصة حبّ. ومن الجدير بالذكر أنّ هيلين كيلير، وهي الكاتبة الصمّاء والعمياء، غيّرت نظرة العالم الغربي إلى الإعاقة، فقد رفض أهلها أن تتزوج من سكرتيرها بالرغم من حبّهما لبعضهما، وكانت نظرة المجتمعات الغربية في ذلك الوقت إلى المعوّقين وخاصّة المرأة مثله مثل المجتمع الشرقي اليوم. رغم هذا الاجحاف فإنّ هذه الفئة، ربما، هي الأكثر قدرة على الحبّ لأنّها ترى الروح في الآخر قبل الجسد.
وأخيراً المرأة المعوّقة تتمتّع بالكثير من حقوقها في الغرب في كلّ المجالات كالتعليم والزواج والطبابة، ولكن نظيرتها في الشرق تعاني من الإجحاف في المجالات كافّة، ولعلّ السبب الرئيسي يعود إلى أنّ مجتمعاتنا لا ترى قدراتهنّ وكأنهنّ عاجزات عن القيام بأيّ شيء. ولعلّ أكثر فئة يجب أن تطالب بحقوقهنّ هي الحركات النسوية والمنظّمات الإنسانية، لأنّ الحكومات العربية معظمها لا تعنى كثيراً بحقوق الإنسان عامّة والمرأة خاصّة.