
السحور والمسحراتي
السحور والمسحراتي …
عندما كنت طفلة صغيرة، أتذكر جيداً عن نفسي أنني كنت أستهين بالسحور، وأقلل من شأنه، واعتبره عادة أوطقس ليس بالضرورة الإلتزام به، وكنت مخطئة تماما، فبالرغم من أن السحور سنة مؤكدة، إلا أنه ضروري إستنادا لأحاديث النبي صلي الله عليه وسلم، ولفوائده الصحية التي تعين الصائم علي الصيام، وتقويه علي تحمل مشقته في نهار شهر رمضان الطويل.
وطالما أننا ذكرنا السحور كطقس ديني يميز شهر رمضان الكريم، فلابد وأن نذكر مهنة المسحراتي ونتعرف عليها، وعلي بدايتها في الإسلام، فلمهنة المسحراتي تاريخ طويل لابد أن نتعرف عليه سويا.
السحور
أوصانا النبي (ﷺ) بالسحور حيث قال: “تسحروا فإن في السحور بركة”. أما بالنسبة لفوائد السحور الصحية، فالسحور يقوي الصائمين وينشطهم خلال نهار الصوم الطويل، وينصح خبراء التغذية بأن تكون وجبة السحور غنية بالنشويات البطيئة الإمتصاص، كخبز القمح الكامل أو رقائق الفطور الكاملة؛ فإنها تساهم في المحافظة علي مستوي السكر في الدم.
المسحراتي
ماهي مهنة المسحراتي إذاً؟ المسحراتي هو لقب يُطلق علي الشخص الذي يتولي إيقاظ المسلمين في ليالي شهر رمضان لتناول السحور، والمشهور عنه أنه يحمل طبلة أو مزماراً، ويقوم بالعزف عليها لإيقاظ الناس لتناول السحور قبل أذان الفجر.
من هو أول مسحراتي في العهد الإسلامي؟ لقد كان الصحابي الجليل بلال بن رباح هو أول مسحراتي في الإسلام، فكان يجوب الطرقات ليلاً لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب، كما طلب منه النبي (ﷺ)، وكان معه ابن أم مكتوم يقومان بمهمة إيقاظ الناس للسحور.
وظهرت مهنة المسحراتي بشكل رسمي في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، حيث كان قد أصدر أمراً بأن ينام الناس مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان جنوده يمرون علي البيوت ويوقظون الناس لتناول السحور.
وفي عصر الدولة العباسية، يعتبر عتبة بن إسحاق أول الولاة الذين كانوا يسحرون الناسK فقد كان واليا علي مصر، وكان يخرج بنفسه سيراً علي قدميه لإيقاظ الناس مرددا “يا عباد الله تسحروا، فإن في السحور بركة.”
وتطورت تلك الظاهرة علي أيدي المصريين، الذين ابتكروا الطبلة التي يحملها المسحراتي ويدق عليها دقات منتظمة، ثم تطورت إلي طبلة كبيرة أثناء تجوله في الأحياء، وهو يقول أشعارا شعبية وزجلا خاصا، ثم تطورت المهنة لتضم فريقا معهم طبلة وصاجات برئاسة المسحراتي.
وكان المسحراتي قديما يرافقه رجل أخر يحمل فانوسا، حتي يرى المسحراتي الطريق في ليالي رمضان حالكة السواد، حيث لم تكن توجد إنارة في الشوارع والطرق الوعرة الضيقة قديما.
وبذلك فالسحور والمسحراتي دائمي الإرتباط ببعضهما البعض، فالمسحراتي يوقظ الناس للسحور قبل أذان الفجر؛ لأن في السحور بركة، وهو سنة مؤكدة عن النبي (ﷺ) الذي أمرنا به، كما أنه له فوائد صحية؛ لأنه يعين الصائم علي صيام شهر رمضان، وبدونه لا يقوي الصائم علي فعل شيء.