فضفضي واحكيلناالعلاقات الأسرية

فشل زيجات الحب

رأيت بعيني فشل زيجات وانهيارها تمامًا، مع العلم أن الكثير من هذه الزيجات كانت في الأصل مبنية على الحب المتبادل. وللأسف الشديد تنتهي هذه الزيجات بالخلافات والطلاق والمحاكم والقضايا، ودعاء كل طرف على الأخر، والتمني له بكل ما يدمر حياته ويسبب له الأذي.

ومن وجهة نظري، فإن الحب نوعان: فهناك الحب الطائش، وهو حب المراهقين، وهناك الحب العاقل وهو حب البالغين. ودائما أقول إن أي ظاهرة مجتمعية لها أسبابها ولها أيضا حلول عملية للتعامل معها، وظاهرة زيجات الحب الفاشلة لها أسبابها ولها أيضا حلول للحد منها. وأنا شخصياً مررت بتجربة زواج الحب الفاشل، وتعلمت منها الكثير، وقررت ألا أكرر هذه التجربة مرة أخرى، وعاهدت نفسي أن أكون أكثر حذرًا ووعيًا وألا أتصرف مثل المراهقات الطائشات.

أنواع الحب

كما أشرت في المقدمة، فإن الحب من وجهة نظري الشخصية نوعان، والنوعية الأولي هي الحب الطائش غير الناضج، وهو ينشأ بين المراهقين وتشتد جذوته خلال فترة المراهقة. وقد يكون الحبيبين “بالغين” سنًا، ومع ذلك يتميز حبهما بالطيش والجنون وغياب النضوج. وهذه النوعية من الحب تكون مبنية على الحب الشديد لدرجة الجنون، مع إلغاء العقل وتغلب العاطفة والمشاعر على كل شيء. ويسبب هذا الحب العديد من المشاكل التي قد تنتهي أحيانا بالموت.

أما النوعية الأخرى من الحب، وهي النوعية التي أفضلها شخصيًا، فتتميز بالعقل والروية، وهذا الحب ينشأ بين “البالغين” نضجاً وليس عمراً. وقد يمر المراهقون أيضًا بمثل هذا الحب؛ لأنهم في هذه الحالة يحكمون عقلهم، بغض النظر عن صغر سنهم. وهذا النوع من الحب ينتهي عادةً بالزواج والإستقرار وإنجاب الأطفال وتربيتهم تربية سوية، وهذا الحب يعيش لفترة طويلة حتى نهاية العمر، ويتميز أيضًا بالقوة والمتانة، ولا يهتز أبدًا أمام الخلافات والصعوبات والمشاكل المادية والحياتية والأمراض والأزمات.

أسباب فشل زيجات الحب

عندما أتأمل زيجات الحب الفاشلة، أقول لنفسي الجملة المصرية الشهيرة “شفت بعيني ماحدش قالي“. وهذه الجملة هي مطلع أغنية شهيرة للمطرب الراحل محرم فؤاد، وتأليف الشاعر الغنائي الشهير الراحل مرسي جميل عزيز. وتتحدث هذه الأغنية عن حلاوة الحب وجماله، وكيف أن الحب هو أعظم شيء في الدنيا.

وبالرغم من إيماني الشخصي بأن الحب أمر ضروري في العلاقة ما بين الرجل والمرأة، إلا أن الحب لأجل الحب فقط هو السبب الرئيسي لفشل العلاقة الزوجية. فالزواج، يا أعزائي، لا يقوم على الحب فقط!

وللأسف هذه الحقيقة يجهلها الكثير من الناس. وقد يقع الرجل في حب إمرأة مليئة بالعيوب التي لا تحتمل ولا تُغتفر، والعكس صحيح. لذلك تفشل زيجات الحب؛ لأنها تقوم على العاطفة فقط، مع إلغاء العقل والمنطق والحكمة.

وتفشل أيضًا؛ لأن فترة الخطوبة والتعارف قصيرة جدًا، ولا تمكن الطرفين من فهم شخصية كلا منهما، وهذا يؤدي إلي المشاكل والخلافات فيما بعد. ويجهل الكثير من الناس حقيقة هامة جدًا، ألا وهي أن الإختيار لا يقوم على إختيار الشخص الرائع فقط، ولكن يقوم على إختيار الشخص المناسب، الذي يناسب شخصيتك وطباعه تلائم طباعك.

وأخيرًا، أود أن أقول إن زيجات الحب تفشل بسبب التغاضي عن عيوب لا يمكن التغاضي عنها، مثل البخل وضعف الشخصية وتحكم الأهل في شخصية الزوج أو الزوجة واللسان السليط وعدم تحمل المسؤولية.

حلول للحد من ظاهرة زيجات الحب الفاشلة

لابد من إعداد الشباب والفتيات إعدادًا جيدًا منذ الصغر للإستعداد للزواج عند الكبر من خلال التربية والتعليم. ولابد من دراسة كل شيء متعلق بالزواج، وهذا يشمل العلاقة الحميمية، وكيفية بناء زواج ناجح وسعيد، من خلال الكورسات والكتب التي تتناول مثل هذه الموضوعات، واللجوء إلى الأخصائيين النفسين ومدربي الحياة.

ولابد أيضًا أن يتعلم الشباب والفتيات تحمل المسؤولية منذ الصغر، وهذه مسؤولية الآباء والأمهات، ولا بد أيضا أن يقوم الآباء والأمهات بإدراج أبنائهم وبناتهم خلال فترة المراهقة والشباب في دورات رعاية الطفل، حتى يتمكنوا فيما بعد في المستقبل من أن يكونوا بدورهم آباء وأمهات صالحين لأبنائهم.

تجربتي مع زيجة الحب الفاشلة

لا أنكر حقيقة أنني أحببت طليقي كثيرًا، ولكن هذا الحب جعلني أتغاضى عن أشياء لاحظتها في فترة الخطوبة، وكان لابد لي أن أقف عندها، ولا أسمح لهذه العلاقة بالإستمرار. لذلك لم يستمر زواجي سوى عامين فقط؛ لأني أدركت أن الحب ليس كل شيء، وأن الحب أفعال وليس أقوال وشعر وكلام جميل ومعسول.

وأدركت أيضا أن هناك أشياء كانت تُقال لي ولم أتحقق من صحتها، ووثقت في شريك حياتي ثقة عمياء، وهذا أمر خطير جدًا وغير مقبول في العلاقات.

لذلك أنصح الجميع بالتحري عن المعلومات، وتوخي الحذر الشديد، والإبتعاد عن الثقة العمياء والإيمان الكامل بكل مايقوله الطرف الأخر. وأريد أن أنصح الفتيات بعدم التنازل عن حقوقهن المشروعة، ولكن ليس معنى ذلك أني أشجع المغالاة في الطلبات. بالعكس تماما، أنا لا أدعو للتبذير والتعجيز المادي، ولكن أشجع الجميع بالتمسك بالحقوق المشروعة الأساسية، التي لا يمكن الاستغناء عنها، مثل المسكن المناسب والمهر والمؤخر.

ما الذي تعلمته من تجربة زيجة الحب الفاشلة؟

والحقيقة أنني تعلمت الكثير من الدروس المستفادة من خلال تجربتي مع الزواج الفاشل، فتعلمت أن المرأة لا ينبغي عليها أن تركض وراء الرجل، وتعترف له بحبها الشديد له، وأنها تبغي أن ترتبط به. إنه دور الرجل أن يركض وراء المرأة، ويطلبها للزواج. وقد يختلف معي الكثيرون حول هذه القضية ولكن هذا هو رأيي الشخصي في هذه المسألة.

تعلمت أيضا ألا أثق ثقة عمياء بما يقوله الأخرون، وأن أتحرى صدق كلامهم.

أدركت أن الحب هو سلسلة من الأفعال المجدية، وليس مجرد كلام مُرسل، كما يُقاس الحب بالعقل والقلب معًا، وليس بالقلب فقط أو العقل فقط.

إن الطلاق أمر مؤلم ومؤسف حقًا، ولكني أرى أن الأكثر ألمًا هو الطلاق الذي يقع بعد قصة حب حقيقية شهدها الأهل والأصدقاء. وأسباب إنهيار هذا الحب كثيرة، ولكن هناك دائما حلول للمحافظة على هذا الحب وحمايته من الفشل والإنهيار.

ولا نستطيع أن ننكر حقيقة تفشي ظاهرة زيجات الحب الفاشلة، وقد كنت أنا إحدى ضحاياها، حيث مررت بهذه التجربة وذقت الألم والعذاب. ولكن بالرغم هذا الألم، تعلمت الكثير من الدروس المستفادة.

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى