تربية الأطفال

المصروف الشخصي ودوره في تشكيل شخصية الطفل

مفهوم المصروف الشخصي

المصروف الشخصي هو مبلغ من المال يتحدد وفقا لمعايير، تهتم باحتياجات الطفل الفعلية والوضع المادي للأسرة، ويعتبر بمثابة دخل يحصل عليه الطفل بشكل متكرر، سواء يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً.

فالمصروف الشخصي من الأدوات التربوية المهمة جدا لتدريب الطفل على تأجيل إشباع رغباته مع الاستمتاع بالمتاح.

وتتساءل كثير من الأمهات عن المرحلة العمرية المناسبة لإعطاء الطفل المصروف الشخصي، والشكل المناسب للمصروف، وكذلك المعايير التي تحدد المصروف للطفل كماً وكيفاً.

المصروف الشخصي: تربية ومهارات

أكدت الدراسات التربوية إنه يجب تعليم الطفل الاعتماد على النفس من خلال إعطائه المصروف الخاص به، حتى لا يشعر بالحرمان مقارنة بغيره من أقرانه وأصدقائه.

كلما بدأ الطفل مبكراً في التعرف على العملات المعدنية والأوراق النقدية كلما بدأ في تقدير قيمة المال بشكل أسرع، مما يجعله يتعلم مفهوم الملكية، ويفرق بين ما يملكه وما يملكه الآخرون.

المصروف الشخصي وتكوين شخصية الطفل

يعتبر مصروف الطفل مجالا جيدا لتدريب الطفل على قيم المجتمع في البذل والعطاء والشراء وأخلاقياته، فهو خطوة مهمة من خطوات تكوين شخصية الطفل، وتشكيل توجهاته المالية، ومن خلاله يتعلم أساليب وعادات سلوكية جيدة.

مصروف الطفل يساعده في تعلم مفهوم الملكية والحقوق لأنه يعتبر ملكية الطفل الخاصة، ومن حقه التصرف فيه، مع تقديم النصح والمساعدة.

ويتعلم الطفل مفهوم التوفير والادخار، فقد يرغب في شراء لعبة ما، ولا يكفيه المصروف لتحقيق ذلك، ومن هنا يتعلم الطفل ضرورة ادخار المصروف أو جزء منه لعدة أيام أو أشهر، حتى يستطيع شراء ما يحتاجه أو يريده.

يساهم المصروف في تعليم الطفل حدوده وقدراته، فمهما كان حجم المبلغ الذي معه، فلن يفِ بتحقيق جميع احتياجاته دفعة واحدة، ومن هنا يتعلم الطفل تحديد الأولويات وترتيبها أيضاً.

ومن هنا ينمي الطفل إحساس بالمسئولية والاستقلالية والاعتماد على النفس، مع تدبر الأمور في الحاضر والمستقبل.

معايير تحديد المصروف الشخصي

هناك عدة معايير يفضل الإرتكان إليها لتحديد المصروف المناسب للطفل، ومنها المرحلة العمرية للطفل، والمستوى المادي للأسرة، والقيم المرغوب غرسها.

فكل مرحلة عمرية لها احتياجات أولويات يجب وضعها في عين الاعتبار عند تحديد المصروف.

ويلعب المستوى المادي للأسرة حيث دورا كبيرا في تحديد قيمة المصروف الشخصي، مع مراعاة أن يكون مناسبا لمشتريات الطفل.

القيم التي ترغب الأسرة في غرسها في الطفل، فتختلف قيمة المصروف من خلال القيم والمبادئ التي تسعى الأسرة في غرسها، سواء تنمية القدرات الذهنية للطفل، وإدراك قيمة المال، وتحمل المسئولية، والاعتماد على النفس.

السن المناسب لإعطاء المصروف الشخصي

يرى خبراء التربية أن أفضل طريقة لتعليم الطفل إدارة المال هي تخصيص مصروف ثابت له، وأن التحاق الطفل بالمدرسة يعتبر أفضل وقت للبدء في إعطاء الطفل المصروف الشخصي الخاص به، مع مراعاه زيادة المصروف بعد فترات متباعدة لتلبيه احتياجاته.

عند بلوغ الطفل سن 4 سنوات، يمكن تطوير إدراك الطفل للمال بانتقاء الألعاب التي تساعد في تنمية هذه المهارة، واصطحاب الأطفال للتسوق وإشراكهم في عمليات الشراء.

أما المرحلة العمرية من 7 إلى 8 سنوات، فهي أنسب سن لتعليم الطفل عادات الاستهلاك الجيدة، وفيها يستطيع الاستقلال بقراراته المادية.

الشكل المناسب للمصروف الشخصي

في المرحلة الابتدائية، يفضل إعطاء الطفل المصروف بشكل يومي، حتى يستطيع شراء ما يحتاجه، مع لفت انتباه الطفل لضرورة ادخار جزء من المصروف للمشاركة في عمل خيري أو مساعده المحتاجين.

في المرحلة الإعدادية، يفضل إعطاء الطفل المصروف بشكل أسبوعي، مع مساعدته في إعداد ميزانية يلتزم بها قدر الإمكان.

أما في المرحلة الثانوية، ثم مرحلة الجامعة، فيكون المصروف بشكل شهري.

لابد من الأخذ في الاعتبار أن تحكم الطفل في إنفاق المصروف لن يأتي بين يوم وليلة، بل يحتاج إلى مجهود وتدريب، فعلى الوالدين مساعدة الطفل، وعدم الإكثار من انتقاده ولومه عندما لا يتعامل مع انفاق المصروف بشكل جيد، بل لابد من مساعدته على تحديد احتياجاته، ووضع أولويات لها، حتى يشعر بالرضا.

وأخيرا، فمصروف الطفل الشخصي ليس مجرد مكافأة مالية يحصل عليها مقابل قيامه بسلوك معين، كما أنه ليس مبلغ مالي يحصل عليه كهدية بهدف إنفاقها في الترفيه والمتعة، وإنما لابد من التعامل مع المصروف كبُعد ثقافي وتربوي وأسلوب يتعلم الطفل من خلاله العديد من الخبرات والمهارات الحياتية.

بواسطة
إيمان السعيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى