تربية الأطفال

الحوار التربوي وتكوين شخصية الطفل

الحوار التربوي

بينما نجد من يزن الذهب بميزان دقيق وحساس، نجد من يتعامل مع الجواهر والأحجار الكريمة على إنها زجاج أو حجارة، وهذا مايحدث مع أطفالنا، فكثيراً ما نسمع من بعض الآباء من يصف ابنه بالفشل، والحقيقة على عكس ذلك، فالطفل منذ ولادته – وفى مرحلة الطفولة – أشبه ما يكون بصفحة بيضاء نكتب فيها نحن ما نشاء، ونرسم ما نريد من خلال التربية، حيث ستظل الأسرة هى الحاضنة الأولى والمربى الأول فى سنوات الطفل الأولى، ويأتى بعد ذلك المؤثرات الخارجية كالمدرسة والأصدقاء والوسائط المتعددة، متمثلة فى وسائل الاعلام المختلفة.

والتربية هى غرس لمبادىء وقيم وأخلاق وأفكار، ولا يتم غرسها بالقهر أو العنف أو الضرب أو التهديد. فقد يطيعك الطفل فى البداية، ولكن عندما يكبر أو تتغيب عنه، يفعل مايريد، وقد ينحرف عن الطريق السوي، ومن وجهة نظري، أن التربية الحقيقية هي تربية الاقناع، وأقصر الطرق للاقناع هو الحوار.

فالتربيه بالحوار أسلوب جديد قديم فى آن واحد. ألم يبدأ الله تعالى الخلق بالحوار مع الملائكة، فعلمهم ووجههم وألزمهم الحجة؟

فلماذا لا نستخدم أسلوب الخالق سبحانه وتعالى؟ لماذا لانستخدم الحوار فى تربية أطفالنا؟

فاحتياجات الطفل لاتقتصر على الماديات فقط، بل تمتد إلى الحاجة لتعلم الحياة، والحوار مع الطفل هو أساس مهم لتعليم الطفل طريقة التعايش مع المجتمع والاندماج فيه.

 

فوائد الحوار التربوي للطفل

التربية بالحوار تجعل الطفل قادراً على صياغة الواقع الذى يعيش فيه، وله فوائد عدة خلال مراحل النمو المختلفة للطفل، وخاصة أن الأوامر تسبب الكثير من العناد والغضب لديه، ويعتبر المتخصصون أن التربية بالحوار هى اللبنة الأولى لتعليم الطفل الحوار ومبادئه وأسلوبه وطرقه، حتى يستطيع التعامل مع الآخرين.

ومن فوائد الحوار مع الطفل

  • يساعد أسلوب الحوار على نشأة الطفل نشأة سوية صالحة.
  • يكسب الحوار مع الطفل والمحيطين به خبرات توسع مداركه وتنمي عقله.
  • يساهم الحوار فى بناء شخصية الطفل؛ فالحوار ضرورى لشعور الطفل بالأمن والراحة النفسية.
  • يصنع الحوار التفاعل بين الطفل ووالديه مما يساعدهما على دخول عالم الطفل ومعرفة احتياجاته.
  • يعلم الحوار الطفل احترام الرأى الآخر.

 

سمات الحوار التربوي

التربية بالحوار مهمة جداً، ولكي ننجح فى استخدام هذه الطريقة فى التربية، لابد لنا من معرفة سمات الحوار مع الأبناء ومعاييره حتى تؤتي هذه الطريقة ثمارها المرجوة منها.

 

احترم مشاعر طفلك

على الوالدين احترام مشاعر الطفل وأفكاره، ولا نسخر منها مهما كانت، فالسخرية والتهكم وعدم احترام هذه المشاعر والأفكار يصيب الطفل بالإحباط.

 

امنح طفلك الحب والثقة

لابد وأن يكون الحوار قائماً على الحب وإرادة الخير للطفل، ليس مجرد فرض رأى أو اصدار أوامر.

 

حسن الاستماع

على الوالدين اظهار الاهتمام بكل ما يقوله الطفل، وعدم المقاطعة له أثناء الحديث حتى ينتهى منه، وإياك أن تغضب وتفرض رأيك بالقوة! وإنما هو حوار ونقاش حتى يقتنع الطفل – أو يقنعك.

 

ركز فى اهتمامات الطفل

اجعل الحوار بينك وبين طفلك حول اهتماماته وهوايته وما يحب وما يكره وأرائه.

 

حسن معالجة الأخطاء

عندما يرتكب الطفل خطا ما، فعلينا علاج هذا الخطأ بأسلوب هادىء، بعيداً عن التعنيف، مع تعريفه أنه ارتكب خطأ، فالتعنيف يجعله لا يعترف مرة أخرى بأخطائه، خوفاً من العقاب واللوم المستمر.

 

مراحل الحوار التربوي

الحوار التربوي مع الطفل يأخذ ثلاث مراحل تبعا لمراحل نمو الطفل المختلفة، ولكل مرحلة خصائص وآثار تربوية تنعكس على الطفل.

المرحله الأولى: حوار الحديث والحركات

تبدأ هذه المرحلة منذ الولادة وحتى سن الثالثة من عمر الطفل

خصائص هذه المرحلة

تقوم الأم فى هذه المرحلة بالحديث مع الطفل ومناغاته والإهتمام بحركاته ومكافأته عليها.

اختيار ألعاب تنمي قدرات الطفل العقلية والجسدية.

التحدث مع الطفل بلغة صحيحة وكأنه يفهم ما يقال له، مع عدم اظهار أى ملل منه.

 

الآثار التربوية للحوار فى هذه المرحلة

تنمية القدرات الذهنية للطفل وتهيئته للبيئة الاجتماعية.

اعداد الطفل معنويا للمشاركة فى الأسرة.

 

المرحلة الثانية: حوار الصمت والإنصات

وتبدأ هذه المرحلة من سن الرابعة حتى السابعة من عمر الطفل.

خصائص هذه المرحلة

يتكلم الطفل فى هذه المرحلة ويعبر عن حجم المعرفة التى اختزالها من المرحلة السابقة، وفى نفس الوقت هى مرحلة الأسئلة وبناء معرفة جديدة بطريقة جديدة.

الانصات لأسئلة الطفل باهتمام؛ فهذه الاسئلة بوابة الطفل لاكتشاف العالم.

 

الآثار التربوية لهذه المرحلة

تنمية شخصية الطفل وقدراته اللغوية واكتساب الخبرات والتجارب.

التدريب على الانصات والاستماع لاجابات الأسئلة، وهذا يؤكد حضوره كأحد أفراد الأسرة.

تساعد هذه المرحلة على التكيف النفسى والذاتى والإجتماعى للطفل.

 

المرحلة الثالثة من الحوار: حوار الناضجين

وتبدأ هذه المرحلة من سن السابعة حتى سن الرشد.

خصائص هذه المرحلة

التأكيد على أهمية التربية العقلية والإيمانية للطفل.

نقل المفهوم الإيمانى والعقيدة بعيداً عن التعصب والكراهية للغير.

 

الآثار التربوية لهذه المرحلة

إثارة التفكير لدى الطفل.

 

ومن هنا تظهر أهمية الاقناع؛ فالتربية بالحوار من أقوى أساليب الاقناع؛ لأنها تعتمد على العقل والمنطق فى مناقشة أى موضوع، وبهذا نرتقى بأبنائنا من أسلوب التقليد الأعمى إلى أسلوب إعمال الفكر والحرية فى نقاش أى موضوع.

بواسطة
إيمان السعيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى