رمضانياتكنوز تراثية

قصة النبي يحيى عليه السلام

24

النبي يحيى هو يحيى بن زكريا بن داوود، وهو ابن خالة عيسى، عليهم جميعا السلام، وهو أحد أنبياء بني إسرائيل.

رزق به والده زكريا عليه السلام بعد أن أصبح شيخا مسناً، وبعد أن دعا الله كثيرا، وألح في الدعاء، فاستجاب له الله ورزقه نعم الابن، ليكون عونا له وامتدادا لنبوته.

كان يحيى عليه السلام ابنا بارا و نبيا تقيا، اجتمعت فيه الكثير من الصفات الحسنة والخصال الحميدة. كان متواضعا، يتعامل مع الناس بكل لين ورفق، وكان ناسكا زاهدا كثير التعبد، وكان قلبه مفعم بالحب والرحمة تجاه جميع المخلوقات.

ويكفي أن الله عز وجل قد شهد له أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولا مثيلا. كان يتميز بالجدية منذ الصغر وكان يحب القراءة والدراسة، ويذكر لنا القرآن الكريم ذلك في سورة مريم: ﴿يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا﴾ “مريم:١٢”.

فقد تعمق في دراسة علم الشريعة، وبدأ يحكم بين الناس وهو في مقتبل العمر، وكان يحرص على حث الناس على الالتزام بتعاليم الدين، فكان يقول: أمرني الله  بكلمات أعمل بها وآمركم أن تعملوا بها. أن تعبدوا الله وحده لا شريك له، فمن أشرك بالله وعبد غيره، فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده، أيكم يحب أن يكون عبده كذلك؟ وأمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو يصلي ما لم يلتفت عن صلاته فإذا صليتم فاخشعوا. وأمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميل الرائحة كلما سار هذا الرجل فاحت منه رائحة المسك المعطر. وأمركم بذكر الله عز وجل كثيرا فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداءه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه، وأعظم الحصون ذكر الله ولا نجاة بغير ذلك الحصن.

وذكر أن الرسول (ﷺ) وجد أصحابه يوما يتداولون الحديث عن فضل الأنبياء. فقال أحدهم عن إبراهيم أنه خليل الله. و قال أحدهم عن موسى أنه كليم الله. و قال آخر عن عيسى أنه روح الله وكلمته … ولم يذكروا يحيى. فقال الرسول: أين الشهيد بن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر، أين يحيى بن زكريا؟

وقد كرم يحيى عليه السلام بالشهادة في سبيل كلمة الحق. فقد أراد الملك الفاسد هيرودس أن يفتي له يحيى بالزواج من ابنة أخيه التي عشقها لجمالها، والتي قبلت بدورها الزواج من عمها الملك رغم علمهما بحرمانية ذلك الأمر.

فطلبا من يحيى عليه السلام أن يبيح لهما الزواج وحاولا إغراءه بالمال، لكنه رفض، وأعلن أن هذا الزواج محرم. غضب الملك ووسوست له الفتاة أن يقتل يحيى، وأن يقدم رأسه مهرا لها، وبالفعل قام جنود الملك بقتله وهو يصلي في المحراب، وقدم الملك رأسه مهرا لابنة أخيه، وتمت هذه الزيجة المحرمة.

 

الدروس المستفادة من قصة النبي يحيى عليه السلام:

– ما أجدرنا أن نحذو حذو الأنبياء والرسل، وأن نحاول أن نتصف بصفاتهم العظيمة مثل تقوى الله، والحرص على بر الوالدين، والتواضع، ولين التعامل مع الناس، والرفق بالحيوان، والتسلح بالعلم والدين ..

– المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وهو لا يخشى في الحق لومة لائم، فها هو يحيى عليه السلام لم يخش الملك الظالم، ولم تغريه الأموال، وقال كلمة الحق بتحريم زواج المحارم، فدفع حياته ثمنا لثباته على الحق، وتوفي شهيدا، حيا عند ربه سبحانه وتعالى الذي اختار له إسم يحيى، لم يكن لأحد من قبله.

– كثرة الأنبياء الذين بعثهم الله تعالى إلى بني إسرائيل وعصيانهم لهم، بل وقتلهم الأنبياء، يدل على ضلالهم وابتعادهم عن طريق الهدى والحق.

– ما أجمل حديث النبي يحيى عن الخشوع في الصلاة، وتشبيهه للصائم بحامل المسك، وقوله أن الإكثار من ذكر الله هو حصن النجاه .. فهل بعد تلك الكلمات المضيئة نغفل عن الصلاة والصيام وغيرها من العبادات؟ وهل يجوز لنا، رغم ضعفنا واحتياجنا للسند، أن  نبتعد عن ذكر الله؟

 

ولنا في قصص الأنبياء عبرة ….

بواسطة
صفية حمودة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى