رمضانياتكنوز تراثية

قصة النبي يونس عليه السلام

22

النبي يونس هو يونس بن متى، من ذرية بنيامين شقيق يوسف، من أبناء يعقوب، عليهم السلام. بعثه الله تعالى إلى الآشوريين في العراق.

أخلص يونس عليه السلام في دعوته، لكن القوم لم يستجيبوا له، فشعر بالضيق ونفذ صبره، وأخبرهم أن عقاب الله سوف يحل بهم في خلال ثلاثة أيام. وفي اليوم الثالث، غادر يونس المدينة رغم أن الله تعالى لم يكن قد أذن له بالخروج.

وبدأت نذر العذاب تلوح للقوم، فشعروا بالخوف والندم، وتيقنوا أن يونس كان على حق. وتولدت لديهم الرغبة الصادقة في التوبة والبعد عن الشرك، واستغفروا الله وندموا على ما اقترفوه من الذنوب، وصعدوا إلى الجبل يلتمسون رضا الله عنهم وقبوله توبتهم، وتوجهوا له بالدعاء الصادق، وقبل الله تعالى توبتهم وصرف عنهم العذاب. ثم اطمئنوا وعادوا إلى منازلهم ودعوا الله عز و جل أن يعود يونس إليهم.

أما يونس، فكان قد غادر على متن ٱحدى السفن. وبعد أن توغلت السفينة في البحر، بدأ الموج يعلو وشعر ركاب السفينة بالخطر، فأدركوا أن فيهم شخص مذنب. واقترعوا على أن يتم إلقاء من تقع عليه القرعة في البحر. وقعت القرعه على يونس ولكنهم كانوا قد وجدوه تقيا صالحا وكريم الخلق، وأعادوا القرعة فوقعت على يونس، ثم أعادوها مرة ثالثة فوقعت على يونس.

هنا أدرك يونس أنه أخطأ حين غادر قبل أن يأذن الله له. فما كان منه إلا أن ألقى بنفسه في البحر. وأوحى الله إلى الحوت فابتلعه دون أن يأكل لحمه أو يهشم عظامه. أصبح يونس حبيسا في بطن الحوت تحيط به ثلاث ظلمات: ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت.

وانطلق لسانه يدعو الله، وجاء دعاء يونس في القرآن الكريم: ﴿فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ “الأنبياء: ٨٧”. واستجاب الله تعالى للدعاء وأوحى إلى الحوت أن يلقيه على الشاطىء.

كان عليلا ومرهقا، ثم أنبت عليه شجرة اليقطين يستظل بها ويأكل من ثمارها. ومن المعلوم أن اليقطين نبات متسلق سريع النمو، وارف الظلال، طارد للحشرات، يؤكل نيئا ومطبوخا، وأن ماؤه يروي الظمأ، كما أنه يعالج الاكتئاب.

وسرعان ما استرد يونس صحته ونشاطه، وعاد إلى دياره فوجد قومه قد تبدل حالهم وتركوا عبادة الأصنام واهتدوا لعبادة الله، وعاش يرشدهم ويوجههم إلى أن توفاه الله في مدينة نينوى بالعراق.

الدروس المستفادة من قصة يونس عليه السلام:

– من الضروري أن يتصف الأنبياء والدعاة إلى الله بالصبر والحلم حتى لو لم تتحقق الهداية؛ لأنهم مكلفون بالدعوة وليسو مكلفون باستجابة البشر.

– الإلحاح في الدعاء مع الإيمان بالله وصدق التوبة والإخلاص في العبادة هو سلاح المؤمن لقبول توبته أو تفريج كربه أو تحقيق آماله.

– يقول الرسول محمد (ﷺ) عن فضل الدعاء والتسبيح: هل أدلكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى؟ الدعوة التي دعا لها يونس حيث ناداه في الظلمات الثلاث ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾. فسأله رجل: يا رسول الله هل كانت ليونس خاصة أم المؤمنين عامة؟ قال الرسول: ألا تسمع قول الله عز و جل ﴿ونجيناه من الغم و كذلك ننجي المؤمنين﴾ “الأنبياء: ٨٨”، فلا نستهن بالدعاء بل نحرص عليه ونرجو أن يكون كل منا مستجاب الدعاء.

 

ولنا في قصص الأنبياء عبرة …

بواسطة
صفية حمودة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى