رمضانيات

المسلسلات في شهر رمضان

أنا من عشاق الفن بكل صوره، فأنا أعشق الرسم والنحت والتصوير والكتابة والموسيقي والغناء، وبالطبع التمثيل والإخراج. وبالرغم من فشلي في دخول عالم التمثيل، إلا أنني لازلت أعشقه وأتخيل نفسي دائما علي خشبة المسرح وعلي شاشات السينما والتلفاز.

كان لابد لي أن أذكر هذه الحقيقة قبل أن أتحدث عن موضوع المسلسلات في شهر رمضان الكريم؛ لأوضح أنني لست ضد فكرة عرض مسلسلات في شهر رمضان، ولكن لدي بعض التحفظات علي المسلسلات التي تُعرض كل عام في شهر رمضان.

وهذه التحفظات راسخة في ذهني طوال الوقت إلي أن جاء الوقت لأكتب عنها وأحررها من أسرها في عقلي. وهذه التحفظات تتمثل في اعتراضي الصريح على عدد المسلسلات المهول التي تُعرض في شهر واحد فقط وعلي المشاهد، والبعض منها خادشة للحياء ومليئة بالألفاظ البذيئة المُستخدمة، ولكن عدا ذلك، فأنا لا اعترض على عرض بعض المسلسلات في هذا الشهر الفضيل؛ لأن الفن الجيد لا يعرف مكاناً ولا زماناً.

حقا، تفزعني كلمة “السباق الرمضاني”، التي تُردد دائما في الإعلام كلما جاء ذكر مسلسلات شهر رمضان، فما الذي يدعوا الجميع ليتسابق في شهر رمضان؟ لماذا يُعرض هذا الكم الهائل من المسلسلات في شهر رمضان فقط، وبقية العام يُعرض عدد قليل من المسلسلات؟

فيدور في ذهني وفي أذهان الجميع مجموعة من الأسئلة المنطقية كرد فعل علي اللامعقولية التي نشهدها في شهر رمضان علي شاشة التلفاز. إن عرض الكثير من المسلسلات يظلم الكثير من الأعمال التلفزيونية الجيدة؛ لأن المشاهد ليس لديه الوقت وليس لديه الطاقة ليشاهد ثلاثين أو أربعين مسلسلاً في اليوم الواحد، وأعتذر إذا قلت أن هذا يُعتبر سوء تقدير؛ لأن القنوات التلفزيونية يهمها الكم وليس الكيف.

فأنا كمشاهدة يهمني جودة العمل الذي أشاهده، ولا يهمني أن القناة التلفزيونية التي أشاهدها تعرض 20 مسلسلاً علي سبيل المثال، فالفن الحقيقي يُقيم دائما بجودته وقيمته الفنية والرسالة التي يوجهها للمشاهد، ولكن للأسف الكثير من المنتجين والقائمين علي الصناعة السينمائية والتلفزيونية لا يستوعبون هذه القاعدة.

أما بالنسبة للمشاهد الخادشة للحياء والألفاظ البذيئة التي شهدتها شخصيا في بعض المسلسلات الرمضانية، فلي رأي خاص في هذا الموضوع، حيث يردد الكثير أن هذا لا يصح في شهر رمضان المبارك؛ لأنه شهر عبادات وتقرب إلي الله. وأنا لا أعترض علي هذا الكلام ولكن في رأيي هذه المشاهد والألفاظ لا تصح في المطلق، سواء في شهر رمضان أو في أي شهر في العام؛ لأن الفن الجيد هو فن هادف، ولا يدعوا إلي الإسفاف والبذائة والإباحية. وقد يختلف الكثير معي في هذا الرأي، ولكن هذا رأيي وأود التعبير عنه بحرية دون إثارة الجدل مع أي رأي مُخالف.

وفي رأيي الشخصي أيضا، أن المسلسلات مطلوبة في شهر رمضان، ولا تتعارض أبدا مع مناخ العبادات والطقوس الدينية المرتبطة بشهر رمضان؛ لأن الفن له وقته والعبادات لها وقتها، والتأمل والروحانيات لها وقتها فكل شيء له وقته. وعلي الإنسان تنظيم وقته، حتي يتمكن من تخصيص وقت للعبادات ووقت لمشاهدة المسلسلات والأفلام ووقت للموسيقي والطرب ووقت للرياضة، علي سبيل المثال، ووقت للأهل والأصدقاء.

المسلسلات الرمضانية هي من أوجه البهجة في شهر رمضان، ولكن للأسف يتم عرض عدد كبير جدا من المسلسلات التي تربك المشاهد الذي لايجد وقتاً كافياً لمتابعة هذا الكم الهائل من المسلسلات، وبالتالي تُظلم العديد من الأعمال الفنية الجيدة التي تستحق المشاهدة والمتابعة.

فليس إعتراضي علي عرض المسلسلات في رمضان، ولكن إعتراضي علي عدد المسلسلات ونوعية المشاهد والألفاظ التي تُعرض في بعض المسلسلات. وأوكد أنه لابد من عرض المسلسلات في رمضان ولكن لابد من عمل دراسة جيدة للمسلسلات التي من المُفترض أن تُعرض في شهر رمضان ولا بد أيضا من توزيع المسلسلات علي مدار العام وليس فقط حصرها جميعا في شهر واحد كشهر رمضان لمواكبة مايُسمي بالسباق الرمضاني!

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى