
المرأة كما يراها الشاعر جودت حيدر
عطفًا على المقال بعنوان “إننا نلمع بصمت“، المنشور في المجلة بتاريخ ١٦ مارس ٢٠٢٣، قرأت في كتابات الشاعر اللبناني البعلبكي جودت حيدر عن المرأة، أنها “تشبه الطبيعة” و”هي الوحي ونصف الحياة”.
“ولدت من عيون الزمان … وحطت في داخلي كما حطت الشمس في داخل الدنيا لتحييها’.
مما لا شك فيه أن الشاعر انصف المرأة، حيث أنه قارنها بما خلقه الله: الطبيعة والحياة والشمس. بل انه رفعها كإبنة للزمن المحيي للحياة. فهي التي تشارك الخالق بأن تهب الحياة لأولاد الحياة.
فما هي الصفات التي دعت الشاعر أن يحترم المرأة؟
“مثقفة، ذكية، محافظة على مركزها الاجتماعي، محترمة لذاتها، آخذة الأمور بجدية، واجهة لأمتها”.
كل هذه الصفات مناسبة لتميز المرأة.
وما هي الصفات التي لم يحبها الشاعر في المرأة؟
“المرأة العبثية المتسلطة، أو المسترجلة”.
أجل، ما من رجل، أو امرأة، يريدون هاتين الصفتين في المرأة!
ولكن ما معنى المتسلطة؟ متسلطة في أي مجال؟ البيت؟ مع الزوج والأولاد؟ أم في العمل مع الزملاء؟ ما هو الحد الفاصل بين المرأة ذات الشخصية القوية في بيتها، حيث تدير شئون العائلة والبيت، وذات الرأي الثابت في عملها؟
على المرأة المثقفة والذكية أن تكون صاحبة كلمة مبنية على المعرفة والجهد، وبطبيعة الحال، أن تجدّ لإيصال فكرها في كل مجالات حياتها. فهي نصف المجتمع، ومن حقها وواجبها أن توصل موقفها للآخرين عند الحاجة: لأولادها وزوجها وعائلتها وزملائها.
يتابع حيدر بالقول أنه “يحترم المرأة التي تعمل في مجال السياسة، ولكن يفضلها أن تهتم بعائلتها وأولادها”. أوافقه الرأي بأن الاهتمام بالعائلة واجب عليها، كون الخالق ساعدها في نكوين عائلتها. ولكن إذا أرادها الشاعر “مناضلة لأمتها ووطنها”، فهذا يدخلها مجال السياسة حتمًا! فهذا المجال يتضمن حماية كل من تحب من المقربين لها وكذلك أبناء وطنها.
يقول الشاعر جودت حيدر أيضًا إن المرأة تسبب له الوجع عندما تسلك أمورًا ملتوية وتنحاز عن الصواب … فالمرأة “هي وجعنا الدائم”. وأنا أزيد على ذلك إن كل فرد، امرأة أو رجل أو ولد يسلك الطريق الملتوية، فهو خاطئ، بل مجرم بحق الحياة.
ينحاز حيدر “للمرأة ذات الجمال الهادئ، التي تحمل في أحاديثها النعومة والأنوثة”. وهذا شعور طبيعي لأي رجل. المرأة اليوم تستطيع أن تمتلك كل هذه الصفات الطيبة، ويزاد عليها قوة الشخصية، والفطنة في التصرف، والذكاء في الإنجاز، والمعرفة في كل المجالات. هي تختار المجال الذي تنجح وتبرع فيه، كونها تتحمل نتائج كل خياراتها في الحياة كأي إنسان خلقه الله.
فإذا كان “الطيف الأنثوي يحضر منذ ربيع العمر” كما تفضل الشاعر، فعلينا أن ننمو معه ونحترم نجاحه بكل شيء. فجودت حيدر المعمر مئة سنة وسنة (1905 – 2006) بقي وفيًا “لامرأة واحدة”؛ لصفاتها الحميدة …
مثالية، معاونة، قوية على صعوبات الحياة …
ورعة، صبورة، ناضجة التفكير …



