
النبي أيوب هو أيوب من ذرية إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا السلام، وزوجته رحمة بنت يوسف بن يعقوب عليهما السلام. نشأ في أرض حوران وكانت بعثته في الفترة التي بين بعثة كل من يوسف وموسى عليهما السلام.
أنعم الله على النبي أيوب بالنبوة وصحة البدن والمال والبنين والزوجة الصالحة. وتعددت أملاكه من أراضي ومواشي وعبيد، وعاش عشرات السنين في ترف من العيش، وكان دائم الذكر والشكر لله والتصدق على الفقراء والمساكين.
ثم اختبره الله تعالى، فأصيب بمرض عضال انتشر في كل جسمه عدا قلبه ولسانه، فلم يجزع. ثم فقد أمواله وممتلكاته، وفقد أولاده جميعا، وانفض الناس من حوله خوفا من انتقال العدوى إليهم، ولم يبق إلى جواره سوى زوجته، التي ظلت تسانده وتشد من أزره وتعينه على قضاء حاجاته.
لجأت زوجته للعمل في الخدمة في المنازل حتى يتوفر لها ما تقتات به هي وزوجها. وبدأ الناس يتجنبون التعامل معها خشية أن تنقل إليهم العدوى من أيوب، وهكذا ضاق عليهم الحال أكثر فأكثر ..
ذات يوم أشارت عليه زوجته أن يتوجه لربه بالدعاء كي ينعم عليه بالشفاء ويفرج كربه، فأجابها: لقد عشت سبعين سنة صحيحا، فهل قليل ان أصبر لله سبعين سنة؟
كان الشيطان غاضبا من قوة أيوب عليه السلام وصبره، فتظاهر أنه طبيب وذهب إلى حيث يرقد أيوب، فرحبت به زوجته، آملة أن يتمكن من تحقيق الشفاء لزوجها. أصاب الشيطان أيوب بألم شديد فبدأ يدرك أنه ليس طبيبا، وإنما هو شيطان، فنهره وطرده، وتملك منه الغضب فأقسم أن يضرب زوجته بالسوط مائة ضربة؛ لأنها أدخلت عليه الشيطان.
وشعر بالحزن والعجز، ثم ألهمه الله الدعاء. ويخبرنا القرآن الكريم عن ذلك في الآيات ٨٤،٨٣ من سورة الأنبياء: ﴿وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين﴾.
واستجاب الله تعالى للدعاء، وأوحى إلى أيوب أن يضرب الأرض بقدمه، فخرج منها ماء بارد، فشرب منه أيوب واغتسل، ومنّ الله تعالى عليه بالشفاء، ورد لزوجته شبابها وجمالها، ورزقهما الذرية التى فقداها ومثلها، كما رد إليهما الأموال والأملاك ومثلها.
ولم ينس أيوب عليه السلام القسم الذي أقسمه حين غضب على زوجته، فأراد أن يبر به دون أن يؤلمها، فجمع حزمة من مائة عود من الأعواد الصغيرة، وضربها بها ضربة واحدة خفيفة. وهكذا اجتاز أيوب محنته بسلام وضرب للبشريه مثالا عظيما في الصبر على الابتلاء والفوز برضا الله عز و جل.
الدروس المستفادة من قصة النبي أيوب عليه السلام:
– المؤمن الحق يصبر على الابتلاء صبرا جميلا ولا يجزع أو يسخط حتى ينال رضا الله. والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: “ما أعطي أحد عطاءا خيرا وأوسع من الصبر”.
– الابتلاء لا يعني غضب الله كما قد يعتقد بعض الناس، وأشد الناس ابتلاء الأنبياء. فليتقبل كل انسان ما يصيبه من أزمات أو ابتلاءات، ويصبر ويحتسب، فقد بشر الله الصابرين: ﴿وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبه قالوا انا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه وأولئك هم المهتدون﴾ البقرة ١٥٥-١٥٧.
ولنا في قصص الأنبياء عبرة …