
حكاية فانوس رمضان
بالرغم من أنني تعديت سن الثلاثين، إلا أنني لازلت أفرح بفانوس رمضان، وكأني طفلة صغيرة؛ لأنه رمز البهجة والسرور.
وارتبط فانوس رمضان في أذهاننا جميعا بالشهر الكريم، ويرجع هذا الارتباط الوثيق إلي العصر الفاطمي بمصر، حيث هناك قصص عن تاريخ ظهور فانوس رمضان في ذلك الوقت، وهناك أيضا قصص غريبة في التاريخ حول ظهوره، وبالرغم من أن صناعة الفوانيس تُعتبر صناعة موسمية، إلا أنها مُستمرة طوال العام في عصرنا الحديث.
سأحكي لكم ثلاث حكايات عن تاريخ ظهور فانوس رمضان في العصر الفاطمي.
الحكاية الأولي تقول أن فانوس رمضان ظهر منذ مايزيد قليلا على ألف عام، عندما كان القاهريون يتوقعون وصول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، حيث أمر القائد العسكري جوهر الصقلي ونائب الملك في ذلك الوقت سكان المدينة بإضاءة الطريق بالشموع، فوضع سكان القاهرة الشموع علي قواعد خشبية وغطوها بالجلود؛ لتجنب إنطفائها، ومن هنا كانت بداية ظهور فانوس رمضان كأحد الطقوس الرمضانية الشهيرة.
أما الحكاية الثانية فتقول أن أسر وعائلات القاهرة إعتادت مرافقة الخليفة المعز لدين الله الفاطمي في رحلته عبر المدينة لإستطلاع هلال رمضان، وخلال تلك الرحلة كان الجميع – كبارا وصغارا – يحملون فانوسا لإضاءة الطريق وهم يغنون إحتفالا بقدوم الشهر الكريم.
والحكاية الثالثة تقول أن الخليفة المعز الدين الله الفاطمي أراد إضاءة المساجد طوال شهر رمضان بالفوانيس والشموع، فأمر بتعليق فانوس علي باب كل مسجد ومن هنا إرتبط فانوس رمضان بالشهر المبارك.
أما بالنسبة للحكايات الغريبة عن تاريخ ظهور فانوس رمضان، تبقي حكاية الخليفة الحاكم بأمر الله هي الأغرب، حيث حرم الحاكم بأمر الله في القرن العاشر الميلادي خروج النساء من منازلهن طوال العام بإستثناء شهر رمضان، ولذلك كان بستعمل غلام يقود النساء في طريقهن إلي المساجد الفوانيس، حتي يلاحظ المارة وجودهن في الطريق فيفسحوا لهن المجال للمرور.
ويُقال أيضا أن الخليفة الحاكم بأمر الله أصدر أمرا بتركيب فوانيس في كل زقاق وأمام كل منزل، وتغريم كل من يعصي هذا الأمر، لذلك إزدهرت صناعة الفوانيس في القاهرة بشكل ملحوظ.
علي الرغم من أن فانوس رمضان يظهر في موسم رمضان فقط، إلا أن العمل فيه يبقي مستمرا طوال العام حيث يفكر المبتكرون والمصممون في أفكار جديدة وعصرية للفانوس، خاصة بعد أن إنتشرت صناعته ووصلت إلي الصين.
ليس هناك أدني شك أن فانوس رمضان ظاهرة عالمية منتشرة في العالم العربي ودول العالم، ولكن تبقي القاهرة هي موطن الفانوس المصري، حيث كان المصريون أول من ابتدعوا فانوس رمضان في العهد الفاطمي، ومازالت القاهرة الكبري تواصل دورها المحوري في صناعته.



