أصول الروشنة

أمينة محمود الحفني

أول مهندسة في مصر والعالم العربي

لطالما كنت طالبة فاشلة فشلاً ذريعاً في مادة الرياضيات بجميع فروعها، كالجبر والهندسة وحساب المثلثات، وكنت أستبعد تماما دخولي كلية مثل كلية الهندسة أو حتي كلية التجارة، وكنت أُعلل فشلي دائما بأن عقل الفتيات نظري، وعقل الفتيان علمي وعملي بحت.

ولكن أثبتت لي الأيام فشل نظريتي ضيقة النطاق، فهناك العديد من الفتيات البارعات في المجالات العلمية العملية كالهندسة والطب، ومن أمثلة تلك الفتيات، فتاة مصر النجيبة أمينة محمود الحفني، والتي كانت أول مهندسة مصرية وعربية تُبدع في مجال الهندسة.

وتقول أمينة محمود الحفني بثقة، أن المرأة في العالم الثالث لا تصل للمناصب العُليا بسبب التخلف، وليس بسبب عدم كفائتها. ولم تكن أمينة النابغة الوحيدة في أسرتها، بل تساوت معها شقيقاتها في التفوق والنبوغ. وكان لأمينة الحفني أراء رائعة في الإسلام والنهوض بالدول الإسلامية علي أساس الفهم الصحيح للدين.

تخرجت أمينة محمود الحفني من كلية الهندسة جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) في عام 1950، وتخصصت في الهندسة الكيميائية. وفي عام 1961، كانت أول مصرية تحصل علي درجة الماجيستير في الهندسة الإدارية من الولايات المتحدة، وفي عام 1970 حصلت علي درجة الدكتوراة من ألمانيا في موضوع قياس ورقابة الكفاءة الإنتاجية للجهاز الحكومي.

ومن إنجازات الدكتورة أمينة الحفني، جهودها في مجالات كثيرة، خاصة من خلال جمعية الهندسة الإدارية التي تأسست في مطلع السبعينيات، وأقامت الكثير من المؤتمرات العلمية من أجل نشر هذا العلم والتعريف به. ومن الجدير بالذكر، أن للدكتورة أمينة جائزة سنوية قيمتها 2000 جنيه تُمنح لأفضل رسالة ماجيستير تطبيقي في تخصصات الهندسة الإدارية تمنحها جمعية الهندسة الإدارية.

وكانت أمينة الحفني تري أن عدم وصول المرأة إلي المناصب الكبري في دول العالم الثالث سببه التخلف، وليس عدم كفاءة المرأة، وأنا شخصيا أتفق معها تماما خصوصا وأنها أضافت أنه يجب علي الرجل الذي تكافح المرأة بجانبه بهدف رفع مستوي الأسرة أن يقدم لها هو الأخر حقوقها في الحياة ويقف بجانبها ولكن للأسف لا يحدث هذا كثيرا!

أما بالنسبة لشقيقات أمينة الحفني المُبدعات، فهي الأخت الشقيقة للدكتورة رتيبة الحفني رئيسة دار الأوبرا السابقة، وأيضا الأخت الشقيقة للدكتورة أنيسة الحفني رائدة طب الحساسية، وأستاذة ورئيسة أقسام الأطفال السابقة بكلية الطب جامعة القاهرة، والتي كانت زوجة الدكتور نور الدين طراف رئيس وزراء مصر الأسبق.

وكانت الدكتورة أمينة تري أنه لا بد من تطبيق تعاليم الإسلام في المجتمعات، وأن الإسلام ليس مجرد دين قائم علي حفظ القرأن فحسب، ولكن من الضروري فهم أيات القرأن، وإدراك معانيه حتي لا تتعطل فيه القدرة علي الإبتكار. فكانت تنادي بضرورة تعليم الطفل المسلم القيم الإسلامية السامية الرفيعة، فلا يغش في الميزان ولا يكذب ولا ينافق ولا يهمل عمله، كما أوضحت أن أخلاق الإسلام من شأنها زيادة الإنتاج، وإستشهدت بأنماط إدارية إسلامية من التاريخ، أمثال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي إستطاع أن يدير شؤون جميع الولايات الإسلامية من مكانه.

وحتي تتحقق مثل هذه الأخلاقيات، رأت أنه يجب أن يتحول الطفل المسلم إلي مصحف متحرك، بمعني أن علي الطفل المسلم تطبيق كل ما هو مذكور في القرأن علي أرض الواقع، ولا يكتفي فقط بحفظ الأيات القرأنية عن ظهر قلب دون فهمها الفهم الصحيح.

تري الدكتورة أمينة أن البحوث العلمية أثبتت أن دولة عظيمة مثل اليابان إستطاعت أن تجتاز أزمتها خلال الحرب العالمية الثانية، وتتحول في فترة قصيرة إلي بلد صناعي كبير تغرق منتجاته أسواق أمريكا و أوروبا بفضل أخلاقيات شعبه وحرصه علي إحترام إنسانية الإنسان.

أثبتت الدكتورة أمينة محمود الحفني لي وللجميع، أن عقل الفتاة غير محدود النطاق، وبإمكان الفتاة أن تبدع وتتفوق في مجالات فذة يصعُب حتي علي الرجال إقتحامها، وبإستطاعتها أن تُلقي المحاضرات علي مسامع العالم ليقف لها الرجال والنساء تبجيلا وإحتراما، ويدوي التصفيق الحار وكلمات الإعجاب والإشادة في كل مكان.

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى