
قليل من الأنانية .. كثير من الحب
(كنت من الأشخاص اللى بيتفانوا فى إسعاد اللى حواليهم، حتى ولو على حساب نفسي. وكنت فعلا بستمد طاقتى اللى بمشى بيها في الدنيا، مهما كانت صعوبتها، من الإبتسامة والدعوة منهم.
بس فجاءة وقعت. وكانت وقعتى جامدة أوى المرة دى. في الحقيقة مكنتش خايفة؛ لأنى كنت مستنية الناس اللى وقفت جنبها ومتأكدة إنهم مش هيتخلوا عنى.
لكن الواقع لقيت إنى في حلم، واتسجن قلبى جوا دوامة الحزن، لما لقيت اللى وقفت جنبهم وضيعت علشانهم عمرى وأحلامى واتأخرت في حياتى كتير علشانهم، خذلوني خذلان متخيلتوش في يوم!
وقفلت على نفسي بابي، وأعلنت الحداد على روحي.
وبرغم الخذلان الشديد اللي كرهني فى الناس، وخلاني فقدت الثقة فيهم وفي نفسي، إلا إنى لسه بنفس الهبل وبكرر غلطاتي، بس المرة دى مش بعمل كده علشان حابة أعمل. لا. علشان لو معملتش بحس إنى اتخليت عن حد، ولكن بعد ما اقف جنب الشخص، بجلد نفسي، وأقول ليه ضيعت وقتي مع الشخص ده، مع إنه خذلني، وهلم جرا من الصراعات.
أنا بقيت سجينه دوامة الندم على عمري اللى ضاع، والتضحية اللى ضحتها، وبقيت عدوانية جدا ونفسي أنتقم من كل الناس..)☹
كل اللى عرفت احكيه واللى معرفتش، واللى قريته بين السطور، شئ متوقع جدا حدوثه للشخص اللى بيمشى في الطريق ده، الشخص اللى عايش بفكرة بضحي وبتفاني من أجل الأخرين على حساب نفسي.
كذبة كبيييييييييرة، عاش جواها ناس كتييييييييرة. ضاع منهم أحلى سنين عمرهم علشان يبنوا في أشخاص، وفي الحقيقة إتكسروا وإتشوهت نفسهم، وفي الغالب من نفس الأشخاص دول.
وبقوا غرقانين في بحر الحرمان من الحنان والحب، وروحهم مدفونة فى كذبة التضحية، وبقى فرض عين عليهم، يدوا العطاء والحب، وبدون مقابل، يا إما يبقوا شريرين ووحشين.
كلام مؤلم وقواعد عكسية فرضها علينا جحود البشر المتناهي، كلام هربت من مواجهته كتير، وإستخدمت التبرير لكل أخطاء اللى حواليك علشان متواجهش نفسك .. إن عمرك ضاع فى أكبر كذبة.
ولكن جه وقت الحساب، ونفسك عرفت إن هى دى الحقيقة المرة اللى لازم تواجهها بكل آلامها؛ علشان تدرك السبب ورا ألمك النفسي المستمر.
وبرغم الألم ده، بس كده إنت في طريقك للشفاء، علشان الإدراك هو تشخيص المرض، ونص رحلة علاجه.
ياصديقي .. لازم تدرك أيضاً إنك لو ما اخدتش القرار في إنك تتغير بعد ما أدركت المشكلة، قدامك 3 طرق هتمشيهم:
أولهم، ياتبقى أنانى جداً، وتركز مع نفسك فقط، وتدوس على أى حد علشان تسبق الزمن، وتعوض شوية من اللى فات.
ثانيهم، طريق الإنتقام، إنك تفرغ وقتك علشان تنتقم من اللى خذلوك.
وأخيرا، إنك تكمل دور الضحية اللى أفنت عمرها علشان غيرها، وتعيش تندب حظك، وتحكى حياتك لكل شخص تقابله فى طريقك، مستنى منه كلمة تريحك.
ثلاث طرق وعرة، نهايتها أمراض نفسية مزمنة، وعلقم فى الحلق، ومرارة فى القلب، وكسرة فى الروح، وأظن إن فيك اللى مكفيك، ومحتاج تستعيد نفسك تاني.
وأول خطوة فى إستعادة نفسك، هو إنك لازم تكتسب جزء من الأنانية؛ علشان تسترجع ثقتك فى نفسك. وبالتالى هتسترجع حالة الرضا عنها، ومن ثم تكتسب كثيرا من الحب لنفسك وللى حواليك.
ومش هكذب عليك وأقولك هتغيب عندك حالة الإنتقام، وهتعيش بسلام داخلي أول ماتحط رجلك على طريق العلاج؛ لأنك فعلاً كنت ضحية، وبالأخص ضحية نفسك غير المتزنة.
أنانية!وإنتقام! ورضا عن نفسي بعدها! إزاى ده؟🤔
أيوه زى ما إنت سامع كده، التفاني المفرط اللى بعض الأهالي ربوا ولادهم عليه – خاصة الإناث – غلط كبير.
إزاى بتطلبوا من شخص يهمل نفسه تماما، ويهتم ببناء اللى حواليه، ويبقى بيديهم وهو مليان طاقة حب وعطاء، برغم إن شايف نفسه بترجع لورا وكل اللى حواليه بيسبقوه؟ إزاى؟
عارفة إن الأنانية هى حب النفس الشديد، حتى ولو على حساب اللى حواليها، وعارفة إنه بالتدريج وبزيادة حب النفس بشكل مفرط، بيصبح الشخص غير مهتم بأى أذى ممكن يصيب اللى حواليه. أهم حاجة يكون مبسوط ومرتاح.
ده التعريف المبسط للأنانية اللى كلنا عارفينه، وأكيد مش ده المطلوب. أنا مش عايزة منك غير نسبة بسيطة من حب الذات الحقيقى المتزن. حب الذات اللى يكون زاد ليك علشان تساعد اللى حواليك، وتخلق جو السعادة فى أى مكان بتروحه.
طيب إزاى أعمل ده؟🙃
- طاقة الإنتقام اللى مالية نفسك هنستغلها فى إنك لازم تكون الشخص اللى ياما حلمت بيه، مش إزاى تهد اللى حواليك. وبطمنك؛ لأنك إنسان نبيل، وقلبك طيب، أول ماتشوف إنجاز ونجاح يرضيك، هتختفى طاقة الإنتقام دى تماما وهتتملى تسامح.
- بداية طريق الإنجاز، هو الإتزان، والإتزان مش هيجى بدون الاهتمام بأركان حياتك كلها على نفس الخط، أركان حياتك اللى هى طاعة ربنا، وصحتك الجسدية والنفسية، وعلاقتك المتزنة بالناس اللى خالية من أى عشم بزيادة، وبالتالى لو زبطت التلات أركان دول، هتوصل للركن اللى هتتزن فيه ماديا.
- لبداية تحقيق الركن التاني، وهو الصحة النفسية والجسدية، إبدأ إهتم باللى إنت بتحبه وعايز تحققه، وخلي هو ده اللى شاغل وقتك بشكل مفيهوش إفراط.
- “إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”، يعنى ربنا قدم تطوير وتغيير نفسك قبل الناس، فعلشان العالم يتغير، محتاج تغير نفسك وتوقفها على أرض صلبة، بعدين خد بإيد اللى محتاجك بشكل ميأثرش عليك.
- جيب ورقة وقلم وإبدأ إكتب اللى إنت مسؤول عنه حقيقى، ومحدش يغنى عنك فيه، وإيه اللى إنت مش مسؤول عنه ومضيع وقتك ومجهودك فيه.
- إبدأ قول للى إنت مش مسؤول عنه “لا”، وكفاية تضيع وقت من عمرك لحد كده.
- هتلاقي شوية خوف منك فى الأول، على شوية مقاومة من اللى حواليك، من “لا”، ده عادى جداً، قاوم المشاعر دى مادام إتأكدت إنها مش مسؤوليتك.
- بعد فترة من علاج ذاتك، هتلاقي نفسك إستعادت قوتها، وبقى العطاء والحب لله وفى الله وحده، وبدون إنتظار مقابل، وبدون إفراط أو تفريط على حساب نفسك.
وأخيراً ياصديقي، ربنا سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز “لاتظلموا أنفسكم”، وفي رأيى، من ضمن الظلم اللى هتتحاسب عليه هو إضطهاد نفسك علشان أى حد، أو تقديم تنازلات فى غير محلها.
وليه ظلم؟ لأنه بينتج عنه طلب تنازلات أكتر، فبالتالى بيتهضم حقك؛ علشان ناس مفيش حاجة بترضيها، والنتيجة شوفتها بعينيك. والأكيد إنك متخلقتش علشان تكون نفسك بالوهن ده، وعلشان تستمد قوتها من رضا الناس التي لم ولن تدرك.
فاستفق ياصديقى وإبدأ خد قرار بتعمير نفسك واتعلم فن المسافات والتجاوز.
كلام بسيط وسهل ولكن تنفيذه رحلة طووووويلة محتاج إرادة وصبر.
واخيرا أتمنى أن يكون مقالى نقطة تحول فى حياتكم وان نكون سند لبعض.
سلامى لكم🤲