تربية الأطفالالأسرة والطفل

طفلك – بين الذكاء والنبوغ

(الجزء 1/2)

لنوضح أولاً نقطة هامة: الذكاء – الذكاء الحقيقي – يصعب بمكان قياسه. فخلال طفولته، أتى توماس أديسون لوالدته بخطاب من المدرسة، كتب فيه أن الطفل غبي. وربما كان أديسون يتصف بأمور كثيرة، لكنه لم يكن غبياً، بل كان طفلاً نابغة.

وقال أحد مدرسي أينشتاين أنه “بطيء التعلم، ومنطوي، يسرح طيلة الوقت في أحلام حمقاء لا نهاية لها.” وربما كان يحلم بالفيزياء. أو ربما كان ببساطة في طور رعاية ما سيصبح يوماً العقل الأعظم في تاريخ البشرية. لا شك أن الصورة قد اتضحت. (وماذا كان خطب هؤلاء المدرسين؟)

تعرف الجمعية الوطنية للأطفال النابغين النبوغ بأنه “القدرة … التي تتجاوز الطبيعي بالنسبة لعمر الطفل”. وقد يتميز الطفل بالنبوغ في أكثر من مجال، مثل:

  • الفنون
  • الابداع
  • الفكر
  • القيادة
  • مجال أكاديمي مثل اللغات أو الرياضيات أو العلوم.

مجالات الذكاء الثمانية

لا شك أن هناك مجالات أكثر كثيراً للذكاء عما سبق ذكره عاليه، أما نظرية تعددية الذكاء التي طرحها هوارد جارتنر، الأستاذ بجامعة هارفرد، فتحدد ثمانية قدرات التي يمكن اعتبارها عناصر العقل البشري وفكره:

  1. الحركية الجسدية: أي القدرات البدنية، واللياقة الجسدية، والتنسيق بين اليد والعين، والقدرة على التعامل مع الأشياء.
  2. الشخصية: القدرات التي يتم تطبيقها “داخل الذات”، أي الوعي الذاتي أو سبر أغوار المعتقدات والانفعالات والأهداف والدوافع.
  3. البين شخصية: التفاعل مع الآخرين وفهمهم، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، والحساسية تجاه حالات الآخرين المزاجية وطباعهم.
  4. المنطقية والرياضية: القدرة على فهم الأفكار المجردة والمركبة، والقدرة على التفكير المنطقي الاستنتاجي، واكتشاف النسق، والتعامل مع الأرقام.
  5. الموسيقية الإيقاعية: القدرة على تمييز النغمات والإيقاع، والتحرك مع الموسيقى، وتنمية الايقاعات، وإبداع الموسيقى وادراكها وتأملها وإعادة انتاجها.
  6. الطبيعية: العلاقة مع المحيط المادي، والنمو مع الأغذية الطبيعية (من فواكه أو خضروات على سبيل المثال)، والبقاء للطبيعة، والمعرفة بالحيوانات والطيور والنباتات، إلخ.
  7. اللفظي-اللغوي: القدرة على فهم اللغة واستخدامها، والمهارات اللفظية والكتابية، واستخدام الإيقاع والصوت والنغمة في استخدام الكلمات، والذاكرة الحافظة للصور والوجوه والتفاصيل الدقيقة.
  8. المرئي-الفضائي: التعرف المتضمن للصور والرسومات، والتعرف المكاني، وتصور الأشياء مرئياً.

 الفارق بين “النابغة” و”الذكي”

يجب علينا أن نفهم أن الأطفال النوابغ ليسوا مجرد أطفالاً أذكياء، وهو توصيف غير موضوعي للغاية. ويعد هذا الخطوة الأولى نحو فهم أفضل لما يحتاجونه من مساعدة على تحقيق النجاح. ويوضح لنا كريستوفر تايبي، وهو خبير في تعليم النوابغ، أربعة اختلافات حيوية بين الطفل النابغة والطفل الذكي، وهي:

 

الطفل الذكي يجتهد من أجل الانجاز، أما الطفل النابغة فيصاب بسهولة بالملل والضجر

الطفل الذكي حلم كل مدرس، فيحضر الطفل الذكي في موعده، ويلتزم في سلوكه، ويجتهد في عمله، ونتيجة لهذا فإنهم يحققون النجاح داخل الفصل الدراسي. بل أن الطفل الذكي – وليس النابغة – عادة ما ينجح في الاطار الاكاديمي التقليدي، إذ أن الأمر الرئيس الذي يحفزهم هو الدرجات والتقدير. وهنا تقع المشكلة بالنسبة للطفل النابغة: فالدرجات والتقدير عادة لا تمثل حافزاً له.

إن الطفل النابغة كثيراً ما يعرف الاجابة دون بذل الكثير من المجهود، مما قد ينجم عنه مشاكل داخل الفصل الدراسي التقليدي، فالطفل النابغة كثيراً ما ينطوي على ذاته منسحباً إلى عالمه الداخلي الأكثر ثراء عندما يفتقد التنشيط الداخلي والتحفيز الخارجي.

 

الطفل الذكي يعرف كل الاجابات – الطفل النابغة يطرح كل الأسئلة

إن الطفل الذكي يتفوق في عملية معالجة المعلومات والاحتفاظ بها، وفي ظل التزامهم بالعمل والجد، فإن هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى انجازات أكاديمية متميزة. أما المتعلمون النوابغ فلا يحتاجون عادة إلى هذا الكم من التكرار للتعرف على المادة. ونتيجة لذلك، فإن الطفل النابغة يجد نفسه مضطراً للجلوس لساعات طويلة من الوقت في الصف، بينما يدركون أنهم يمكنهم ببساطة “النجاح في الاختبار” والمضي قدماً.

وحيث أن فضول الطفل النابغة النهم لا يتم اشباعه، فإنه يتعمق أكثر في الموضوع المطروح، على أمل التعرف على كل ما يتعلق به، ويبدأ في التساؤل واستخدام جوجل او اللجوء لكتاب ما للوصول إلى اجابات – مع الاحتفاظ دون جهد بالمعرفة التي يكتسبها. وعندما تأتي الحصة التالية، يكون الطفل النابغة قد تجاوز بالفعل كل ما يقدمه المدرس في الفصل.

 

الطفل الذكي يحب الفصل، الطفل النابغة (عادة) لا يحبه

الفصل الدراسي التقليدي يمثل للطفل الذكي المكان الأمثل لتحقيق النجاح، إلا أن الأمر لا ينطبق عادة على الطفل النابغة، وذلك لغياب التحفيز الضروري.

ونظراً للتضاد بين الفضول المفرط والضجر المفرط، فإن الطفل النابغة عادة ما يتحول إلى متعلم ذاتي التوجيه، ويتحمل مسئولية تعليمه بنفسه. وعلى عكس بيئة الفصل الدراسي، فإن التعلم الذاتي يتيح للطفل النابغة أن يشبع طبيعته الفضولية، وهو شرط أساسي لدى الطفل النابغة للتعلم بفعالية.

 

الطفل الذكي ماهر، الطفل النابغة أصيل

لنفكر في مختلف المخترعين على مدار التاريخ – من دافينشي، وتسلا، وجراهام بيل، واديسون، إلى جيتس وجوبز. إنهم جميعاً عقول نابغة أصيلة، وهم رجال كانوا (على الأغلب) أطفالا نوابغ كما نطلق عليهم اليوم. ومن الجدير بالذكر، أن أحداً منهم لم يحصل قط على سجل مدرسي متفوق.

إن الكثير من الأطفال النوابغ يعيشون من أجل تحويل أفكارهم إلى أفعال. وعندما ينصب اهتمامهم على أمر ما (على مادة أكاديمية على سبيل المثال)، فإن الطفل النابغة يسعى إلى كل من التعلم، وإلى تطبيق ما يتعلمه. ولعل هذا التوجه نحو التفكير الأصيل والابتكار سبب آخر يفسر كيف أن بيئة تعليمية بديلة كفيلة بأن تكون في الكثير من الاحيان خيار أفضل للطفل النابغة.

“يتبع”

[هذا المقال الجزء الأول من مقال بعنوان 15 Signs of a Gifted Child]
بواسطة
ترجمة ليلى حلمي
المصدر
The Power of Positivity

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى