
عندما كنت أفكر بشكل جدي في دخول عالم التمثيل، كانت العالمة المصرية مني بكر ضمن الشخصيات النسائية التاريخية التي كنت أود تجسيدها في عمل سينيمائي أو تلفزيوني؛ لأنها تشبهني وتشبه سيدات مصر وفتياتها، بملامحها المصرية الأصيلة، وسمرة بشرتها المشبعة بطمي النيل.
فهي إبنة صعيد مصر، حيث ولدت في مدينة أسيوط، وترعرت فيها، وظهر نبوغها العلمي في مدارسها وجامعتها، وهي مثال مشرف للمرأة المصرية العربية، وذلك بفضل درجاتها العلمية وإنجازاتها العظيمة في مجال النانو تكنولوجي. وتم تكريمها محلياً ودولياً؛ لأنها حقا عقلية لا تُقدر بثمن، ولكن هذه العقلية الفذة رحلت عن عالمنا هذا بعد ما أفنت حياتها في المعامل وقاعات المحاضرات.
مني بكر، إبنة مدينة أسيوط، ولدت عام 1971، وحصلت علي الثانوية العامة سنة 1987، وعلي بكالوريوس علوم كيمياء من جامعة أسيوط عام 1991، وكانت الأولي علي دفعتها. ثم حصلت منى بكر علي درجة الماجستير في الكيمياء الفيزيائية من جامعة أسيوط عام 1994، وعلي الدكتوراة في الكيمياء الفيزيائية من معهد جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية تحت إشراف الدكتور مصطفي السيد، والذي أرسلها إلي أمريكا في بعثة من جامعة أسيوط لمدة أربع سنوات ونصف، عادت بعدها لتحقق إنجازات عظيمة في عالم النانو تكنولوجي.
حقا مني بكر هي فخر المصريين والعرب لما حققته من إنجازات مُبهرة في عالم النانو تكنولوجي، فقد كانت مديرة مركز النانو تكنولوجي، وعضوا بأكاديمية البحث العلمي منذ عام 2009، ولها 4 براءات إختراع دولية مسجلة بإسمها منهم إستحداث عقار يعمل علي زيادة نسبة الهيموجلوبين في الدم. لذلك وجب تكريم هذه العالمة المصرية الجليلة.
تم تكريم مني بكر علي المستوي المحلي والدولي، ولكنها كانت تستحق أكثر من ذلك بكثير لما قامت به من مجهودات تستحق الإشادة و الإهتمام. حصلت بنت مصر العظيمة علي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم التكنولوجية المتقدمة عام 2009. وكرمتها مؤسسة مصر الخير لكونها واحدة من أهم 5 علماء مصريين والمرأة الوحيدة من بين المكرمين الذين تم الإستعانة بدراستهم كمرجعية دولية والإستشهاد بها في الأوراق البحثية.
كان المرض هو سبب وفاة هذه العالمة المصرية الجليلة حيث توفيت الدكتورة مني بكر بعد تدهور حالتها الصحية فجأة عقب عودتها من مؤتمر علمي بالصين، و كانت تعاني من ألم في ساقيها تطور إلي تورم باللون الأزرق تم تشخيصه بأنه مرض نادر أصاب المناعة عن طريق مهاجمة أجسام مضادة لكرات الدم الحمراء، واستدعي علاجها اللجوء إلى جرعات من الكورتيزون، والتي أثرت علي صحتها، إلى أن توفيت في 4 مارس 2017، لتنتهي مسيرة عالمة شابة كنا ننتظر منها إختراعات جديدة في علمها بل كانت مشروع نوبل جديد لمصر والعالم.
إن وفاة هذه الدكتورة العظيمة خسارة للعالم كله فقد خدمت البشرية طوال حياتها القصيرة، وتركت خلفها ثروة من الأبحاث العلمية الدولية التي يتحدث عنها العالم كله، وقد أفنت حياتها في المعامل وقاعات المحاضرات ولكن جهودها سُجلت في التاريخ الذي لا ينسي الأفذاذ مثلها.