أصول الروشنة

سميرة موسي

حلم مصري لم يكتمل

عندما أسمع إسم “سميرة موسي”، يتبادر إلي ذهني جمل مثل “عالمة الذرة المصرية الأولي” و”السيدة التي حلُمت بإنشاء أول مفاعل نووي في مصر”. لقد كانت هذه السيدة العظيمة نابغة منذ الطفولة وإنجازتها بدأت من سن صغيرة وتركت بصمتها الخاصة في التاريخ من خلال إنجازاتها في عالم الذرة، وشرفت مصر في الخارج، وكان لديها العديد من الأحلام والطموحات.

ولكن لم يمهلها القدر لتبهر العالم وتوفيت البطلة المصرية الحرة في حادث سير غامض، ولكن مصر لم تنسي إبنتها العظيمة وتم تكريمها عدة مرات.

ظهرت علامات النبوغ علي العالمة المصرية سميرة موسي منذ الطفولة، فقد حصلت علي الجوائز الأولي في جميع مراحل تعليمها، حيث كانت الأولي علي الشهادة التوجيهية عام 1935، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت، إذ لم يكن يُسمح لهن بدخول الإمتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتي تغير هذا القرار عام 1925 بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، وهي أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر.

كان لتفوقها الدراسي المستمر أثر كبير علي مدرستها، حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التي يخرج منها الأول، مما دفع ناظرة المدرسة نبوية موسي، الناشطة النسائية السياسية المعروفة – والتي سأخصص لها مقال بإسمها في المستقبل القريب إن شاء الله – إلي شراء معمل خاص حينما سمعت يوما أن سميرة تنوي الإنتقال إلي مدرسة حكومية يتوفر فيها معمل.

بدأت إنجازات سميرة موسي في عالم الذرة بدءً من مشوارها الجامعي، حيث إختارت كلية العلوم جامعة القاهرة علي الرغم من أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة حينما كانت أمنية أي فتاة في ذلك الوقت هي الإلتحاق بكلية الأداب.

وذكري لهذه المعلومة لا يقلل من شأن كلية الأداب علي الإطلاق، ولكني أريد أن أوضح نقطة هامة وهي أن سميرة موسي أثبتت في ذلك الوقت أن عقل المرأة قادر علي أن يكون علميا وقادر علي إجراء الحسابات الرياضية.

وهناك لفتت نظر أستاذها الدكتور علي مصطفي مشرفة وهو أول مصري يتولي عمادة كلية العلوم، وتأثرت به تأثرا مباشراً، ليس فقط من الناحية العلمية بل أيضا بالجوانب الإجتماعية في شخصيته. وتمكنت من الحصول علي بكالوريوس العلوم بجدارة، وكانت الأولي علي دفعتها فعُينت معيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود د. مصطفي مشرفة الذي دافع عن تعيينها بشدة، وتجاهل إحتجاجات الاساتذة الأجانب (الإنجليز).

مجلة الجميلات والشرق

وبذلك لم تكن سميرة موسي أول عالمة ذرة مصرية فقط، ولكنها إستطاعت أن تكون أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا).

بالفعل شرفت د. سميرة موسي بلدها في الخارج حيث سافرت إلي بريطانيا ثم إلي الولايات المتحدة للدراسة في جامعة أكوردج بولاية تنيسي الأمريكية. وبسبب سفرها إلي الخارج ودراستها هناك كانت لديها العديد من الأحلام والطموحات لبلدها مصر والعالم العربي بأكمله.

كانت د. سميرة موسي شابة طموحة ولديها أحلام عظيمة لوطنها وللعالم العربي الذي تنتمي إليه، فقد كتبت لوالدها في أحدى رسائلها: “لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت أستطيع أن أصنع أشياء كثيرة.”

رحم الله د. سميرة موسي والتي توفيت في أمريكا حيث إستجابت إلي دعوة للسفر إلي الولايات المتحدة في عام 1952 حيث أُتيحت لها الفرصة لإجراء أبحاث في معامل جامعة سانت لويس بولاية ميسوري الأمريكية، وتلقت عروضا للبقاء هناك ولكنها رفضت. وبالرغم من رحيلها المؤلم لم تنسي مصر وأهل مصر هذه الإبنة الغالية وتم تكريمها في عدة مناسبات. فمنحها الرئيس الراحل أنور السادات وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي عام 1981.

لمعت هذه العالمة العبقرية في مجال الذرة وحققت فيه إنجازات مشرفة جعلتها تشرف مصر والوطن العربي في الخارج، وكان لديها دائما أحلام وطموحات متعلقة بالطاقة النووية.

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى