تربية الأطفال

الطفل الحنون

هل تريدين طفلاً باراً وحنوناً؟ هل تنفعلين حينما لا يساعدك ابنك أو ابنتك، أو لا يساعدون الأخرين؟ هل تحزنين عندما تزداد طلبات أولادك؟ وتشعرين أنك مجرد آلة صرف تلبين احتياجاتهم؟ وأن العلاقة الوحيدة التي تربطك بهم هي احتياجاتهم للمصروف أو المصلحة؟ لا يبادلونك حباً أو عطفاً؟ فتخشين من الوحدة عند الكبر وتشعرين بالقسوة والجحود؟

إذا، هيا معي لاعطيك بعض الارشادات العملية والنصائح الواقعية لضمان طفل مشبع بالحب والتعاطف. ولكن، لنتفق أنك سوف تبذلين جهداً جهيداً، وأن الأمر ليس يسيراً.

وهل الطبع يغلب التطبع؟ لا. بل التطبع يمكن أن يغلب الطبع مع المجهود والمثابرة، وتعليم الطفل الحب كتعليمه الكتابة في المدرسة. ليكتسب القدرة على العطاء بحنان منذ نعومة أظافره.

سأحدثك عن التعاطف الايجابي empathy، وهو يختلف عن مجرد التعاطف sympathy. فالكل يولد بفطرة الخير والحب. فمن منا لا يشعر بالحزن أو التعاطف عندما نسمع عن استشهاد شخص ما، أو نسمع بجريمة قتل؟ من منا لا يتأثر بمظاهر من الحب والمودة بين البشر، أو يتمناها؟ هذا الشعور يدعى sympathy. شعور للأخر، وهو يولد معنا، ويبدأ الطفل حياته بقلب نقي لا يعرف الكره أو التمييز والعنصرية. فهي سمات مكتسبة في المجتمع المريض.

أما الطفل فيولد بالاستعداد الكامل للحب والتعاطف. ولكن في سنواته الأولى، وخصوصاً السنوات الخمس الأولى، يكون لديه قدر كبير من الأنانية والذاتية. ويشعر أنه محور الكون، خصوصاً أن الأب أو الأم اعتادا على تلبية جميع رغباته وتدليله.

والطفل يشعر في هذه الحالة بأن الحصول على ما يريد حق مكتسب، فيتمحور حول نفسه واحتياجاته، في حالة أن الأب أو الأم استسلما لتلبية كل طلباته، بحجة أن “لازم يطلع شبعان”.

ولكن عندما يعتاد الطفل على الأخذ وأن تلبى كل حاجاته، تزداد أنانيته، ويتحول إلى شخص أناني ومدلل. ففطرة الحب والخير التي ولد بها، تختفي وتتضاءل، وهنا تقع المسئولية عليك.

فنصيحتي – عن تجربة – لا تلبي كل احتياجات طفلك المادية. ولا تربطي المكافأة الماديات.

تحدثي مع طفلك دائماً عن الفقراء والبسطاء، تحدثي معه مبكراً ودائماً. شاهدي معه صوراً لمن يعاني في الحياة، ومن لا يحصل على لقمة العيش بسهولة. تحدثي معه عن العطاء وعن الخير وعن الجمال، والأهم من ذلك، كوني قدوته، فالطفل يتعلم بالقدوة، لا بالأمر أو الكلام الكثير.

فإذا شاهدك وأنت تقومين بالعطف على الآخرين، سيكون مثلك. وإذا شاهدك وأنت تكرمين بسيطاً، سيفعل مثلك. وإذا شاهدك وأنت بارة بأباك أو أمك، فسيتعلم أن يكون رحيماً ولين القلب.

تحدثي عن قيمة العمل، وصعوبة الحصول على اللعبة أو الساعة أو الحذاء الذي يريده، ليقدر قيمة العمل والنقود. اصطحبيه معك لدار الأيتام وبيوت البسطاء، حواراً راقياً، فله سحره وأثره في الأطفال.

عودي طفلك أن اللعبة التي يقتنيها والملابس التي يرتديها يجب أن يخصص جزء منها للآخرين، ويجب أن تكون في حالة جيدة، غير بالية.

عودي طفلك أن يكون طفلاً شاكراً حامداً، لا مغروراً وبخيلاً.

ضعي بعض الحلويات الاضافية أو اللعبة البسيطة معه ليعطيها لزملاءه الصغار. عوديه على العطاء والرحمة والحب، وشجعيه على حب الحيوانات والرفق بها. عوديه على حب الزرع والورد والجمال.

استمري وكرري وثابري بلا كلل أو ملل – فستجنين ثمار الحب بالحب. ويتحول هذا الطفل إلى إنسان محب وعطوف وعطاء، لديه القدرة على التعاطف الإيجابي، والعمل الإيجابي. وسيشكل طفلا حنوناً ورائعاً.

بواسطة
نهاد هليل

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى