الفنونمقهى النصف الآخر

هروب متكرر

أفقت عن حلم لا ناقة لي فيه ولا جمل، أكون فيه راوٍ هارب من كل شئ .. من الوجوه المتربصة، والآذان المتنصتة. لكن عينا لم تزل تراقبني، حتى بعد ما استيقظتُ.

حاولتُ الهروب ثانية، أو النظر لعيني من يراقبني، لكن شيئا ما يمنعني من النظر للخلف.

أجلس وأنظر للمرآة في محاولة أخيرة لمعرفة الحقيقة. أخيراً نظرتُ لانعكاس صورتي .. رأيتُ رجلا لم يكن أنا، جالساً، يبتسم محدقاً بين يديه، وفي يده شاشة صغيرة تضئ، وأصوات تصدر منها تشبه أصوات العصافير ..

رأيته يضحك، يبتسم، يتجهم، ويبكي، وهو جالس بلا أي حركة أو التفاتة.

سأهرب الآن من هذا الرجل الغريب، سأولي هاربا دون أن يشعر، فحواسه مكبلة بين يديه، لن يستطيع اللحاق بي ..

جسدي ينتفض .. يحاول الوقوف .. قدمي تحاول الوقوف ..

حتى أنفاسي المحبوسة .. تحاول الهرب من صدري الضيق ..

بلا فائدة .. فشلت محاولاتي ..

استسلمتُ لجسد الغريب، أغمضتُ عيني وعدتُ لأحلامي، تاركا إياه في سجنه الاختياري، أما أنا فظلت الأشياء تطاردني بلا كلل، وظللتُ أهرب منها.

بواسطة
أحمد النظامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى