
هجمات الأسد الشرس
“أنقذوني من الأسد الشرس الذي يتبعني في كل مكان أذهب إليه! إنه يريد أن يلتهمني بأسنانه وأنيابه المخيفة ويريد أن يسلب مني حياتي! أرجوكم! لا تتركوني أصارعه وحدي!”
هكذا كانت تصرخ خديجة في نومها وتصارع الأسد وحدها في الكابوس العنيد الذي لايريد أن يفارقها، ولم تكن هذه المرة الأولي التي تحلم فيها بالأسد الشرس الذي يجري ورائها في كل مكان تذهب إليه.
كانت تري نفسها في الحلم مُرتدية ملابس خفيفة، بالرغم من البرد و الرياح العنيفة التي تُطير أوراق الشجر الخضراء باهتة اللون والأكياس البلاستيكية المُلقاة في الشوارع والأزقة. كان الأسد يُفاجئها في كل شارع تمشي فيه، وفي كل ركن تستريح فيه، وكانت تهرب منه بأعجوبة وتنجح في الهروب منه. ولكنها بمجرد أن تحمد الله علي نجاتها من هذا الحيوان المفترس حتي تُفاجأ بظهوره أمامها! ولا تعلم من أين برز لها هذا الكائن العجيب وطوال الحلم تهرب منه ويظهر لها مرة أخري ثم تهرب مجدداً وهكذا بلا نهاية.
دخلت عليها والدتها السيدة هيام، وفي يدها كوب من اليانسون الدافيء، لتهديء من روعها. وعندما هدأت تماماً حكت لوالدتها تفاصيل الحلم المُرعبة، وعندما إنتهت من الحكي، أغمضت الأم عينيها لبرهة ثم قالت لها بهدوء شديد وحكمة:
” هل تعلمين تفسير هذا الحلم يا خديجة؟”
” لا يا أمي، لا أعلم.”
” إن الأسد الشرس هذا يُمثل مخاوفك وألامك والطاقة السلبية التي تتملكك وتسيطر عليكي وعلي مشاعرك وكيانك كله. وهذه المخاوف تتبعك أينما ذهبتِ وتريد أن تنقض عليكِ وتنهي حياتك الشابة. إذا تخلصتِ من هذه المشاعر السلبية أو الكتلة السلبية المتحركة وتغلبتِ عليها، فلن تحلمي بهذا الأسد مجددا.”
” أأنتِ واثقة من ذلك يا أمي؟”
” نعم أنا واثقة من كلامي.”
في اليوم التالي، قررت خديجة الذهاب إلي صالة الألعاب الرياضية كوسيلة للتخلص من المشاعر السلبية التي تنتابها بين الحين والآخر، ونجحت بالفعل في التركيز علي التمارين الرياضية الشاقة، وبذلت مجهوداً كبيراً حقا. وبعده أخذت حماما منعشا جعلها تطوق لتحتضن سريرها الذي إحتضنته بحب وسعادة كالأم التي تحتضن طفلها الصغير.
ونامت خديجة نوما عميقا، ولم يظهر الأسد الشرس؛ لأن عقلها كان مشغولاً بالتفكير في دروس اليوجا التي أدرجت إسمها فيها كوسيلة أخري من وسائل التخلص من كل السلبيات التي تشعر بها. في كل يوم كانت تتعمد أن تشغل نفسها ووقتها بكل الأنشطة الإيجابية التي لا تجد المشاعر السلبية فيها مكان شاغر يسعها، وبمرور الوقت، يأس الأسد من هجماته وتوقف عن زيارتها في الكوابيس المزعجة للأبد!