كنوز تراثية

مظاهر الفرح في عيد الفطر المبارك

مظاهر الفرح في عيد الفطر المبارك

دائما أتذكر أغنية العيد التي كنت أسمعها منذ الطفولة، والتي تقول “العيد فرحة وأجمل فرحة” للفنانة صفاء أبو السعود، التي أمتعتنا بأغاني الطفولة.

وحقا فرحة عيد الفطر لا يضاهيها أي فرحة أخرى، وذلك لإستمتاع الكبار والأطفال بمظاهر الفرح والبهجة فيه، فعندما كنت طفلة صغيرة كنت أفرح بالعيدية، والملابس الجديدة، وزيارة الأهل والأقارب، وأكل الكحك اللذيذ، والبيتي فور طيب المذاق، ومازلت اّكلهم حتي الآن، وهذه المراسم والعادات لم تأت من فراغ، فلكل عادة منها قصة وحكاية ذُكرت في كتب التاريخ، وتوارثت جيلا بعد جيل، واستمرت حتي وقتنا الحالي.

فلكحك العيد قصة وحكاية، فأول من إبتدع الكحك هم الفراعنة القدماء حيث إعتادت زوجات الملوك علي إعداد الكحك وتقديمه للكهنة القائمين على حراسة الهرم خوفو يوم تعامد الشمس علي حجرة خوفو.

وفي عهد الدولة الإخشيدية كان أبوبكر المادراني وزير الدولة يصنع الكحك في عيد الفطر ويحشوه بالدنانير الذهبية. وفي عهد الدولة الفاطمية، كان الخليفة الفاطمي يُخصص حوالي 20 ألف دينار لعمل كحك عيد الفطر وكان الخليفة بنفسه يتولي مهمة توزيع الكحك على الكافة وكان الشعب يقف أمام أبواب القصر وينتظر كل فرد نصيبه من الكحك في العيد. وظلت هذه العادة تتوارث جيلا بعد جيل ولم يستطع أحد القضاء عليها حتى وقتنا الحاضر.

أما عن أصل حكاية البيتي فور، فهو حلوى فرنسية الأصل صُنعت لأول مرة بطريقة تقليدية في القرن الثامن عشر أثناء عملية تبريد الأفران المصنوعة من الطوب بعد إستخدامها، وذلك للإستفادة من الحرارة الكامنة داخل الفرن؛ لنجد أنه كان مجرد “إستخسار” لحرارة الفرن. وبعد أن تناوله المُعدون له، وجدوا مذاقه طيب رغم أنه مجرد بواقي عجين وضعت في الفرن حتى لا تُهدر حرارة الفرن، ومن ثم أخذ البيتي فور في تطور مستمر إلى أن وصل حاليا ليكون الطبق الرئيسي في البيوت المصرية بجانب الكحك في عيد الفطر المبارك.

هل تعلم أن المصريين هم أول من إبتدعوا العيدية؟ نعم، إن المصريين هم أول من إبتدعوا عادة العيدية طبقا لكتب التاريخ وظهرت في العهد الفاطمي وأثناء العصر الإخشيدي أيضا في مصر، وكان المماليك يقيمون إحتفالات في قاعة تُسمي قاعة الذهب أثناء الأعياد، وهي قاعة مُخصصة للاحتفالات ويتم فيها توزيع الهدايا علي الحضور. وكانت العيدية في العصور السابقة تنحصر في توزيع الحلوى والملابس وغيرها، ولم تكن نقدية كما هو مُتعارف عليه الآن.

وتعود عادة شراء الملابس الجديدة في عيد الفطر إلي الحضارة المصرية القديمة، فقد ورد عن المصريين القدماء تخصيصهم أزياء مميزة يرتدونها في الأعياد والاحتفالات الكبرى والمهرجانات بإعتبار ذلك طقسا إحتفاليا، ونفس الشيء في حضارات أخرى نشأت في المنطقة العربية، فدائما ماحرص الناس علي التزين وارتداء أفضل الثياب في الأعياد والاحتفالات المختلفة. ومع بزوغ الحضارة الإسلامية، حرص المسلمون علي إرتداء أفضل الثياب في الأعياد إستنادا إلي كونه سنة عن الرسول (ﷺ)، وأحد أشكال تعظيم شعائر الله بالعمل علي الاحتفال بالأعياد الدينية.

أتمنى حقا أن أعود طفلة مرة أخرى حتي استمتع بمظاهر العيد الحقيقية، فاحتفال الأطفار بالعيد يختلف عن الطريقة التى يحتفل بها الكبار البالغين بالعيد، فالعيد بالنسبة للأطفال يتمثل في العيدية والملابس الجديدة والكحك والبيتي فور والبالونات والزمامير والمفرقعات والتنزه والخروجات، أما الكبار فيستمتعون بصلاة العيد، والزيارات العائلية، وأكل الكحك والبيتي فور، والحنين للطفولة والماضي، مثلما أفعل اليوم؛ لأن الأطفال يستمتعون بمظاهر الفرح في العيد بشكل أكثر بهجة من الكبار الراشدين.

وكل عام وأنتم بخير

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى