كنوز تراثيةتربية الأطفال

مشاهد ذبح الأضاحي والأطفال

عندما كنت صغيرة، كنت طفلة إستثنائية، فكنت لا أخشى مشاهدة ذبح الأضاحي، ولا أشعر بالقلق والتوتر من منظر الدماء الذي كان ينبثق من رقبة الذبيحة كالنافورة، والساطور في يد الجزار، وهو يهوي على عنق العجل أو الخروف بقسوة، ليدكه دكا، ولا من مشهد الذبيحة، وهي ترفس مصارعةً الموت وتلفظ أنفاسها الأخيرة.

وكنت لا أتأثر بأفلام الرعب ومصاصي الدماء، وحتي الآن لا أهاب أفلام الرعب، وأنام بعد مشاهدتها نوما عميقا، ولا أحلم بالكوابيس المزعجة مثلما يحدث لبعض الناس.

ولكن ليس كل الأطفال كذلك، فهناك أطفال يهابون مشاهد ذبح الأضاحي، والمشكلة أن هناك بعض الآباء والأمهات يجبرون أبنائهم على حضور عملية الذبح رغما عنهم، وهذا يتسبب في اصابتهم بالأمراض النفسية.

وفيما يلي سنستعرض المشاكل النفسية التي تحدث جراء إجبار الأطفال علي مشاهدة ذبح الأضاحي. ولتجنب هذه المشاكل من الأساس، وجب على الآباء والأمهات التحدث مع الأطفال أولا عن العادات الخاصة بالعيد وإشعارهم بالأمان وإختيار السن المناسب لتشجيع الأطفال على حضور تلك المناسبات.

نفسيا، إن إجبار الأطفال علي رؤية ذبح الأضاحي رغما عنهم من الأمور غير الصحية؛ لأن الأطفال في هذه السن الصغيرة غير مدركين لعادات الأضحية، بالإضافة أن الأطفال عادة يرون الحيوانات كأصدقاء لهم، وهذا صحيح بشكل كبير؛ لأن الأطفال يعشقون تربية الحيوانات الأليفة كالكلاب والقطط.

ولذلك فذبح الحيوانات بهذه الطريقة أمامهم قد يدخلهم في نوبات من البكاء الشديد والصراخ، وقد يتسبب ذلك أيضا في معاناتهم من الكوابيس ليلا، والتبول اللا إرادي، والرهبة من الدماء، والنفور تجاه تناول اللحوم.

وعلي الأباء والأمهات أن يعوا جيدا أن هناك بعض الأشخاص يصابون بفوبيا الدماء، والتي من بين أعراضها الشعور بالخوف والقلق الشديد عند مشاهدة الدماء، حتي إذا كان في جرح صغير في اليد مثلا، والإصابة بنوبات من القلق والخوف والإرتجاف وقد يصاحبها القيء.

وعندما يكتشف الأب أو الأم أن الطفل لا يحب مشاهدة ذبح الأضاحي وينفر منها نفورا شديداً، فأول إجراء يجب إتخاذه هو عدم إجبار الطفل على هذه المشاهد في هذه المرحلة العمرية والنفسية، وتهيئة الطفل لهذه الأمور تدريجيا بالحديث عن هذه العادات والطقوس الدينية، وكيف أن الله حلل أكل لحوم الحيوانات في محاولة لإشعار الأطفال بالأمان وبشرعية مايحدث في هذه الطقوس والعادات الدينية.

وعلي الأب والأم إختبار مشاعر الطفل والتأكد من وصوله السن المناسب الذي يسمح له بمشاهدة ذبح الأضاحي دون خوف أو توتر. ومن الممكن أن يستعين الوالدين بطبيب نفسي أو أخصائي نفسي ليساعدهما في هذه المهمة؛ لأن الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي لديه القدرة علي الحكم علي شخصية الطفل وإستعداداته النفسية التي تمكنه من الإقدام علي أفعال معينة والخوض في تجارب حياتية خاصة.

من المهم والضروري أن يفهم الأب والأم شخصية الطفل جيداً، ويحكموا عليها حكما صحيحاً، ويدرسوها بدقة حتي يتمكنا من إتخاذ الإجراء المناسب مع الطفل فيما يخص أمور حياته كلها، فإذا تأكد الوالدين أن الطفل يخاف من مشاهد ذبح الأضحية، فلا يصح أبدا إجبار الطفل علي حضور هذه المناسبات حتي لايصاب بمشاكل نفسية معقدة. وبدلا من ذلك، لابد من التحدث مع الطفل بشأن هذه المناسبات وإقناعه بالحكمة وراء هذه الشعائر الدينية وإشعاره بالأمان والطمأنينة، ويجب أن يستمر الأب والأم علي هذه الوتيرة حتي يقتنع الطفل تماما بشرعية ما يحدث للحيوانات في هذه العادات الدينية، وعلي هذا الأساس يختار الأب والأم السن المناسب الذي يتقبل فيه الطفل هذه المناظر ولا يخاف منها علي الإطلاق.

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى