
ما هو الحب؟
ما هو هذا الشعور السحري، ولغز الألغاز؟
ما معنى الحب؟ هذا الشعور الذي يدفعك إلى السموات، ويحلق بك كالطير؟
ما هو هذا الشعور السحري الذي احتار فيه العلماء والمفكرون؟
ما هو الحب الذي احتار فيه الشعراء عبر السنوات والقرون؟
هل هناك ما يسمى بالحب الرومانسي؟
هل هو حقيقة أن أنه من نسج خيالنا؟
هل الحب ورود وعصافير تغرد؟ وحياة أجمل وأسعد؟ وسعادة دائمة كالقصص وكالأفلام؟
هل الحب هو المشهد الوردي الذي يتعانق فيه الحبيبان؟
ما هو الحب؟ وما سره؟ وهل هو حقيقة؟
هيا بنا نتعرف على ما نفهمه عن هذا الشعور السحري بمناسبة ما يسمى عيد الفالنتين.
هل الحب هو العطور الجميلة وتبادل الهدايا واللقاءات والشموع والدباديب؟
هل هو أوقات طيبة وأفراح وسعادة مستمرة غامرة؟
هل الحب كلمات جميلة متبادلة ووقت لطيف؟
الحب هو أسمى وأعمق شعور يعرفه الإنسان. وشعور الحب الصادق تحدث عنه الشعراء والحكماء، وما زال يحير جموع البشر، فينجذب شخص ما لشخصة بمفردها، ويستثنيها دوناً عن العالم. هل هذه كيمياء متبادلة؟ ما هذا الشرار الذي يتسبب في الانجذاب بسبب هذه الجذوة والشعلة. ما الذي يوصل فردين إلى هذا الشعور الجارف المحلق، ويختار كل فرد طرف بعينه دون الآخرين؟
في عصرنا الحديث، يتعرف الشاب على الشابة، وينجذبا، ويشعران بقمة السعادة وقمة الحماس، وينظران إلى الحياة بنظرة وردية جميلة. هذه هي المرحلة الأولى في علاقة الحب عند العلماء. ففي بداية العلاقة، تفرز مواد من المخ تشعر كل طرف بسعادة ونشاط ايجابي، وهي كيمياء المخ التي تجعل الفترة الأولى في العلاقة هي الفترة السحرية الوردية، وكأن كل من الطرفين في حلم جميل، وفجأة تتحول الحياة إلى جنة على الأرض، يشتاق الحبيب لصوت حبيبته، وتشتاق الحبيبة لرؤية الحبيب، ولو لدقائق. دائماً يسعدان في لقاء بعضهما البعض.
هذه الفترة هي فترة الدوبامين، وهي المرحلة الأولى فيما يسمى الحب.
وبعد فترة ما، يعتاد كل طرف الآخر، يعتاد ويتعود على عادات الآخر، وما يحبه وما يكرهه، بعد الخروجات وبعد التنزهات وبعد الهدايا وبعد الكلمات الشاعرية، ويبدأ الهدوء والاستقرار، وتنخفض نسبة الدوبامين، وتهدأ الروح. وبعد هذه المرحلة، إذا ارتبط الشخصان، اما الاستمرار، واما الانتهاء من علاقة الحب المشتعلة الملتهبة كما يسميها البعض.
وتبدأ عواصف الحياة، وتحدياتها. تبدأ الأزمات، تبدأ الغيرة والامتلاك، وبعد أن مر الحبيب والحبيبة بالفترات الوردية الجميلة المثالية، يبدأ الواقع وتحدياته، المادية والحياتية والشخصية. فالاعجاب والانبهار يختفيان ويتضاءلان ويهدآن، ويختف صوت الشعلة الأولى، ومع التحديات يبدأ الاختبارات الحقيقية لما نسميه الحب. فإذا صمد كل طرف وتعود واعتاد صفات وسمات وحسنات وسيئات الطرف الآخر، وتحمل كل منهما الآخر بالصبر والجلد، ستستمر هذه العلاقة.
إذا تحمل كل منهما صعوبات الحياة، وضحى كل طرف، وإذا استمع كل طرف للآخر، واحتضنه واستوعبه عند لحظة الضعف والانتكاسة، ستستمر العلاقة، علاقة تملؤها المودة والرحمة، والاحترام المتبادل، والصحبة الطيبة، وهي من أسرار الاستمرار ونجاح العلاقة. واستمرار الحب الحقيقي ورعرعته ونموه، ليزدهر وينتعش مع الاحترام والتضحية والعطاء المتبادل.
إن الحب الأسطوري والسحري الرومانسي لا يوجد بين الحدائق والزهور، وإنما يوجد في المستشفيات والمطارات، ويوجد في المنزل الصغير الدافئ، يوجد وسط المشكلات والتحديات. ولا ينمو ويترعرع مع التنزهات والهدايا والكلمات، إنما ينمو ويترعرع مع التصرفات والسلوك والكلمات الصادقة الطيبة. ينمو مع الإخلاص والتفهم والتفاهم والتحمل والصبر. ينمو مع التضحية وايثار الذات.
فجيم وساندرا قد اجتازا الثمانين من العمر، وأنا أراقبهما عن كثب منذ أسبوع، فهما في المستشفى حيث تتلقى أمي العلاج. أراقبهما، يأتي الزوج صباحاً ولا يترك زوجته إلا مساءً، يقوم على اطعامها، ويقشر لها الموز، ويطبطب عليها، ولا يخاطبها ولا يناديها إلا بلقب “حبيبة القلب” sweetheart. وتبتسم ساندرا، تلمع عيناها عندما تراه.
أليس هذا الحب؟ أليس هذا هو الحب الحقيقي؟ جيم وساندرا نموذج للحب الصادق والصمود، فالحب الحقيقي لا يموت.
تنمو هذه العلاقة من بذرة صغيرة إلى وردة رائعة، وردة تحتفظ بأجمل العطور وتنشر عبقها في كل مكان. وردة تترعرع كل يوم، وتزدهر وتنتعش.
فالحب هو العطاء.
هو الجمال.
هو السلام.
هو الرحمة.
كل عام وأنتم في حب
[شكر خاص لجيم وساندرا على اهداء الصورة للمجلة والسماح لنا بنشرها]