
أخبرتني يا جدى بالأمس، عندما قمت بسؤالك عن أفضل الأعمال في شهر رمضان، بثلاثة عبادات، وأريد أن أستكمل معك ماهي الأعمال الأخرى، وما هو العمل الذي ذهبت بالأمس وتركتني ولم تكمل حديثك معي؟
حسناً يابني، سأكمل لك ماهي باقي الأعمال التي يجب علي المسلم أن يقوم بها خلال الشهر الكريم، وبالأمس ذهبت للزكاة والصدقة.
تُعَدّ الزكاة من أركان الإسلام، وللمُسلم أن يُخرج زكاته في شهر رمضان، لما في ذلك من مُضاعفة للأجور، ونيل رحمة الله تعالى، وقد كان النبيّ (ﷺ) يُكثر من الصدقة والإحسان في رمضان. وهذا يُبيّن فضل إخراج الزكاة في رمضان، إلّا أنّ إخراجها في ظُروف استثنائية، كحدوث مجاعة، أو كارثة في بلاد المُسلمين قد يكون أفضل من إخراجها في رمضان.
وأيضاً تُعَدّ الصدقة من الأسباب التي تُؤدّي إلى قبول العمل والعبادة عند الله، ومضاعفة الأجر والثواب لصاحبها، الذي يُظَلُّ في ظلّها يوم القيامة أيضاً، فيحرص المُسلم على أدائها في رمضان، ويتحرّى أن يكون له مقدار من الصدقة بشكل يوميّ في رمضان، وأن يُؤدّيها بعيداً عن أعين الناس؛ لكي تكون سرّاً بينه وبين الله.
يجب على المُسلم أن يكون واصلاً لأرحامه، وتُعَدّ صلة الأرحام من أفضل العبادات التي يتمّ التقرُّب بها إلى الله تعالى، فقد بيّن النبيّ (ﷺ) أنّها من الأسباب التي تزيد في الرزق، وتُبارك في الوقت، وصلة الرحم تُبعد المُسلم عن النوائب والمصائب، وتكون الصلة بالمُداومة على زيارتهم، وعيادة مريضهم، وتفقُّد أحوالهم، ومن الممكن الاستفادة من الوسائل الحديثة، كالاتِّصال بهم.
وتجب صِلَتُهم في الأحوال كلّها حتى وإن كانوا غير واصلين، فقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- واصلاً لرَحِمه وأقاربه مع أنّهم آذَوه أذىً شديداً؛ وذلك لأنّ الإسلام دعا إلى مُقابلة الإساءة بالإحسان، وكَظم الغيظ؛ فهي من صفات أهل الجنّة، ولأهمّيتها، فقد أمر الله بها بعد أمره بالتقوى؛ ليُبيّن للناس أنّ صلة الأرحام أثر من آثار التقوى؛ فكُلّما كان المُسلم واصلاً لرَحِمه، كان أتقى لله، وهي علامة تدُلّ على صدق الإنسان.
تُعَدّ ليلة القدر يابني من الليالي المُباركة التي أعلى الله ورسوله من قيمتها؛ فهي الليلة التي أنزل الله تعالى فيها القُرآن، قال -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، والعمل والعبادة فيها خير منه في ألف شهر ممّابل سواها، والله يُضاعف فيها الحسنات أضعافاً كثيرة.
وإحياء هذه الليلة وقيامها سبب لمغفرة الذنوب، وتيسير الأمور، وتعظيم الأجور، وقد كان النبي يتحرّى هذه الليلة في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ إذ بيَّنَ أنّها تكون في ليالي الوتر* من العشر الأخيرة من شهر رمضان، وقد أخفاها الله عن الناس؛ ليجتهدوا في طلبها بالإكثار من العبادة.
يُسَنّ للمُسلم الإعتكاف في شهر رمضان، وخاصّة في العشر الأواخر منه؛ لما فيه من صَون النفس عن المَنهيّات، وحَثّها على الطاعات، مُتحرّياً لليلة القدر، ويجوز الاعتكاف في كُلّ وقت، إلّا أنّه يكون آكداً في رمضان بشكل عام، ويتأكّد في العشر الأخير منه بشكل خاصّ.
والاعتكاف، يا سامي، هو المكوث في المسجد والبقاء فيه، بقَصد العبادة، والتقرُّب إلى الله تعالى، سواءً كان في الليل، أو في النهار، وقد ورد عن النبيّ (ﷺ) أنّه اعتكف في رمضان.
عظيم يا جدي بالفعل! سأقوم بعمل ما أخبرتني به، وسأخبر أصدقائي أيضاً بما يتوجب علينا عمله خلال شهر رمضان، وغداً يا جدى أريدك أن تخبرني عن شيء يميز الشهر الكريم في استقباله والفرحة به.