رمضانياتكنوز تراثية

لمة العيلة

لا أدري ما اوجه الشبه بين أبي وبين يوسف السباعي، أو بين أمي وأم كلثوم، أو بيت أبي وأفلام الأبيض والأسود .. ماهذا الحنين والشوق الذي يملأ نفسي كلما قرأت كتابا ليوسف السباعي أو إدريس أواخرجت مجلد (الرسالة) الذي جمعه أبي وذهب به إلى المطبعة لعمل غلاف سميك له ووضع اسم الرسالة بماء الذهب علي الغلاف ..

حنين غريب يملأ قلبي عندما استمع لعبد الوهاب أو أم كلثوم، أو أشاهد فيلما لعبد الحليم .. أتذكر تعليقات أمي وهي تعدد صفات ماجدة أو فاتن أو مريم، هذه رقيقه وهذه صادقة، لا تمثل، وهذه جميلة ودموعها المنهمرة عندما تتعرض احداهن لخيانة .. رائحة الخبز تذكرني ببيت أبي، فكان تحته فرن افرنجي نشم رائحة الفينو ساعة المدارس والكعك في أواخر رمضان ..

تجمعات الجارات لعمل الكعك والبسكويت وحكاياتهن وضحكاتهن ودعائهن بأن الكعك يطلع حلو أصله بفلوس الجمعية، والصبية يحملن الصاج إلى الفرن وانتظار نتيجة الخبز كمن ينتظر نتيجة الامتحان ..

فوازير رمضان تذكرني بأبي وأمي وتسابقهما في حل الفوازير، ومشاركتنا في الحل وارسال الحلول، والحلم بالمكسب، وهنعمل إيه لو أخدنا الجايزة الأولي .. اتذكر مذياع مطبخ أمي الذي لاينطفئ طول عملها .. تبدأ بإذاعة القرآن الكريم وتسمع الفتاوي، ثم ربات البيوت، وكلمتين وبس، وأبلة فضيلة .. وقد أورثتني عادتها، فمذياعي لاينطفئ في المطبخ مثلها .. ذكريات محفوره داخلنا .. يعرفها أطفال السبعينات وشباب الثمانينات ..

لمة العيلة مع حنية الأب وكرمه وسنده، وازاي كان يحافظ علي كرامتنا ولايسمح بأي أحد يؤذينا .. لمة العيلة مع ضمة الأم وبذلها الجهد لسعادة الأسرة .. فطار الجمعة، بفوله وطعميته والبيض والبطاطس المحمرة .. صنية الرقاق باللبن .. الكعك والشاي باللبن في العيد .. أحلي فتة ولحمة في العيد الكبير ..

لمة العيلة مع أخوك أو أختك، تحل مشكلة ده، وتتخانق مع ده، وتخاف عليهم زي عنيك ..

لمة العيلة مع فيلم السهرة يوم الخميس، واللب والفول السوداني ..

لمة العيلة وأنت بتذاكر وتسمع بصوت عالي، وتخرج تعمل كوب شاي تلاقي أبوك قاعد يدعيلك وأمك تقولك هعملهالك انا ..

لمة العيلة دلوقت ذكرى جميلة .. لما تحب تريح من هموم الدنيا تعمل كوب شاي ..

وتقول الله يرحمهم ..

كان زمان ..

بواسطة
منى حسن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى