
النبي ذو الكفل هو حزقيال بن النبي أيوب عليهما السلام، وأطلق عليه إسم ذو الكفل؛ لأنه تكفل للنبي الذي سبقه أن يخلفه في قومه، وأن يقضي بين الناس بالعدل، وأن يقضي الليل قائما للصلاة، ويقضي النهار صائما. كما يذكر الشيخ الشعراوي أن كلمة ذو الكفل تعني ذو الحظ والنصيب، وأن ذو الكفل كان الوحيد من أبناء أيوب عليه السلام الذي حظي بشرف النبوة.
جاء ذكر ذو الكفل في القرآن الكريم في الآية ٨٥ من سورة الأنبياء ﴿وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين﴾. فقد مدحه القرآن الكريم؛ لأنه كان رجلا صالحا يصلي مائة صلاة كل يوم، ويحكم بالعدل بين الناس، كما اتصف بالصبر والحلم، والسير على نهج الله، حتى أن إبليس حاول الاحتيال عليه وإيقاعه في الخطأ ولكنه فشل.
فقد أمر إبليس الشياطين أن يفعلوا ما بوسعهم لكي يدفعوه للزلل، لكنهم عجزوا. فكر إبليس كيف يدفع ذلك الرجل الصالح للخطأ؟ كان يعلم أن ذا الكفل لا ينام سوى سويعات قليلة وقت القيلولة ظهراً، ففكر في الذهاب إليه في ذلك الوقت ليحول بينه وبين النوم والراحة، حتى ينفذ صبره وحلمه ويخطىء.
وبالفعل ذهب إبليس إلى دار ذو الكفل، وطرق الباب عليه وهو راقد في مضجعه، وأخذ يصيح: أنا كبير السن وقد أتيتك في حاجة. فتح ذو الكفل الباب ورحب به وجلس يستمع إليه. أخذ إبليس يطيل في الحكي وذكر أن هناك خصومة بينه وبين قومه، وأنه تعرض لظلم شديد منهم.
وحان وقت مجلس ذو الكفل مع الناس، فطلب من إبليس أن يذهب إليه في مجلس القضاء. وتكرر نفس الموقف، ولم يتمكن ذو الكفل من النوم، إذ ذهب إلى المجلس وجلس ينتظر إبليس فلم يحضر. عاد ذو الكفل إلى بيته وطلب من أهله عدم إدخال أحد لمقابلته، فقد أرهقه عدم النوم.
ما أن استقر ذو الكفل في مضجعه، حتى حضر إبليس وحاول الدخول فلم يسمح له. نظر إبليس فوجد ثقبا في الباب فدخل منه، ودق باب غرفة ذو الكفل. تعجب ذو الكفل كيف دخل هذا الرجل والباب الخارجي مغلق، وهنا أدرك أنه إبليس، وقال: ما أنت إلا عدو الله إبليس.
قال إبليس: نعم، لقد أردت أن أثير غضبك، وأجعل صبرك ينفذ، فتقع في الخطأ. وما دمت لن تغضب فسوف أتركك في حالك.
الدروس المستفادة من قصة النبي ذو الكفل:
– المؤمن الحق إذا وعد أوفى بالوعد، فقد حقق ذو الكفل كل ما تعهد به من قيام الليل والصيام ومجالسة الناس والحكم بينهم بالعدل، فكان لا يخلد للنوم سوى سويعات قليلة في اليوم، فأكرمه الله بنعمة النبوة.
– الغضب صفة ذميمة، وتدفع صاحبها للحماقة والتهور والوقوع في أخطاء يندم عليها وقت لا ينفع الندم، وقد تغلب ذو الكفل على كيد إبليس؛ لأنه لم يغضب ولم يفقد السيطرة على أعصابه.
– المواظبة على العبادات والطاعات تمنح الإنسان القوة والهدوء، وتساعده في التغلب على وسوسة الشيطان.
ولنا في قصص الأنبياء عبرة …