رمضانياتكنوز تراثية

رفق النبي

ومسك ختام قصص الأنبياء

قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ صدق الله العظيم.

أوصانا الإسلام بالرفق بجميع الكائنات من حولنا، كما علمنا رسولنا الكريم (ﷺ) الرفق بالإنسان والحيوان والجماد.

رِفقه بالإنسان

فمن رِفقه صلى الله عليه وسلم، أنه كان يحسن معاملة خادمه، فقد رَوى أنس ابن مالك قائلا: “خدمتُ رسول الله عشر سنين والله ما قال لي أفٍ قط، ولا قال لي لشيء لمَ فعلت كذا وهلا فعلت كذا”. شاهدوا كيف كان يعامل خادمه الخاص، وتذكروا مَن يسيء معاملة عامل الديليفري أو الجارسون، أو عامل النظافة.

وفي علاقته صلى الله عليه وسلم بحفيديه الحسن والحسين، رَوى أبو هريرة قائلا: “كُنا نصلي مع النبي العشاء فإذا سَجَد وَثب الحَسَن والحُسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذا رفيقا فيضعهما على الأرض، فإذا عَاد، عَادا حتى قضى صلاته”. لفت انتباهي رواية أبي هريرة ووصفه أخذ النبي لحفيديه بقوله “أخذًا رفيقًا”، فلم يحملهما بقوة كما يفعل بعض الآباء مع صغارهم كنوع من الغضب من فِعل الأبناء الصغار أثناء الصلاة.

كما لفت انتباهي تكرار الحسن والحسين للوثوب على ظهر جدهما رسول الله وبالرغم من ذلك لم يغضب رسول الله بحجة انشغاله بالصلاة، بل عاملهما بمنتهى الرفق والرحمة والحُلُم.

ورُوِى أنه قد دخل أعرابي إلى المسجد وبَالَ فيه، فقام إليه الصحابة ليمنعوه وينهروه، فقال لهم الرسول: اتركوه ليتم بولته، واسكبوا على بوله دلوًا من الماء.

رِفقه بالحيوان

كان صلى الله عليه وسلم هينًا لينًا سهلاً، ومن رِفقه بالحيوان أنه حدثنا عن امرأة عُذبت بسبب قطة حبستها حتى ماتت. هذه المرأة القاسية القلب لم تقدم الطعام والشراب للقطة، ولم تتركها تبحث عن رزقها في أرض الله؛ فعاقبها الله بالنار والعذاب، فإذا كان الله تعالى يقتص للقطة فما بالنا بمن يظلم العباد، كمن تُلقى برضيعها في الشارع أو الذي يضرب ابنته أو زوجته، أو التي تعذب أطفال زوجها…إلخ.

كما حدثنا النبي عن امرأة بغي كانت ترتكب الفاحشة، لكنها عندما رأت كلبًا يلهث من شدة العطش تحركت داخلها عاطفة الرحمة، فملأت خُفّيها وسقت الكلب فشكر الله لها وغفر لها.

كما  نهانا رسولنا الكريم عن التفريق بين حيوان أو طائر وبين ولده، فقد رُوي أن رسول الله قد رأي طائرًا ترفرف بجناحيها، كأنها تنتفض، فقد كان لها فرخان أُخذا منها؛ فغضب النبي وقال: “مَن فجع هذه بولدها؟ رُدوا ولدها إليها”.

بعض الناس إذا وجدوا قطة تلد أخذوا منها أطفالها وألقوا بهم بعيدًا أو وضعوا لهم السُم في الطعام، والبعض يُلقي بالحجارة على الكلاب النائمة في الشوارع. فلماذا يبادر البعض بالأذى لمخلوقات الله التي لا حول لها ولا قوة؟!

رِفقه بالجماد

ومن رِفق النبي بالجماد، أنه صلى الله عليه وسلم اعتاد الاستناد أثناء الخُطبة إلى جِذع شجرة، وبعد أن صُنع له منبرًا وأثناء صعود النبي إلى المنبر مَرَّ بالجذع؛ فحَنَّ إليه الجِذع وظل يبكي وسمع الصحابة أنينه كأنين الطفل طلبًا لأمه، فنزل إليه النبي واحتضنه فسكن وقال النبي: “لو لم أحتضنه لحَنَّ إلى يوم القيامة”

هذا رسولنا وقد رفق بجذع أي قطعة من الخشب، فما أولانا أن نترفق ببعضنا البعض!!

رسولنا علمنا الرفق في كل شيء، ونحن إذ نختم شهر رمضان المبارك، ما أحوجنا إلى الرفق!

يمكننا مساعدة المحتاجين رفقا بأحوالهم. هل تذكرت وأنت تشتري ملابس العيد لأطفالك، طفل جارك الفقير أو اليتيم، ما بالك لو اشتريت له قطعة ملابس جديدة تقدمها له ليلة العيد؟ إنه سرور تدخله على قلبه.

ويمكننا إطعام المساكين، وإطعام الحيوانات والطيور.

اصنع لنفسك، عزيزي القارئ، معروفًا يشكرك الله عليه يوم القيامة. يمكنك وضع الحبوب كالقمح وغيره في شرفات المنازل ليأكل منه طير جائع، ويمكنك وضع علبة صغيرة مملوءة بالماء يشرب منها طير أنهكه العطش في يوم حار، كما يمكنك عدم إلقاء ما تبقى من طعامك في سلة المهملات، وتقديمه لقط  أو كلب جائع، إنه عمل لن يكلفك شيئا لكنه سوف يشعرك بآدميتك واقتدائك برسولنا الكريم (ﷺ).

 

ولنا في قصص الأنبياء عبرة …

بواسطة
تهاني كامل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى