
تنوع تجربة المرأة في العالم العربي
كان لي منذ أيام قليلة تجربة العمر، جعلتني أتأمل معنى أن تخطو المرأة خارج اطار أمانها، حتى وإن كان ذلك لعدة أيام فقط. كلبنانية، فإنني انتمي إلى مجتمع منفتح، لكنني أيضاً من أسرة حرص فيها الوالدان على تربية بناتهم تربية محافظة ومحبة، فكان منزلنا بيئة آمنة لنا.
لقد نشأت في لبنان، في وسط مختلط الثقافات والديانات، وعندما كنت في العشرينيات من العمر، بدأت في التحرر من بعض القيود والمعتقدات، مع الحفاظ على الجوهر. مثل ذلك في صراعاً، في سعي دؤوب على التخلص مما شعرت أنه ليس صواباً. أصبحت امرأة متعلمة، حاصلة على درجة جامعية عليا، ثم درجة الدكتوراة، وتبوأت مناصب أكاديمية بارزة.
أما تجربتي هذه، والتي كانت اختيار حر بمحض إرادتي، فكانت تجربة وضعتني في بيئة عربية شديدة الصرامة والمحافظة، وحيث أنها بيئة دينية مغايرة لما اعتدت عليه، اضطررت لوضع ملابس مختلفة اختلافاً جذرياً عما اعتدت عليه في بلدي. ووجدت صعوبة في الاحتفاظ بالحجاب على رأسي حتى لا تظهر أي من خصلات شعري أو رقبتي، وارتديت العباءة السوداء التي تخفي ملامح جسدي، وإن أبرزت أنني امرأة.
إنني إنسانة طالما احترمت الثقافات الأخرى، ودائماً أهدف إلى زيادة تجاربي الحياتية. وكنت على وعي كامل بالكثير مما سيحدث لي في هذه المغامرة، وكنت على وعي كامل بأنه كان من الضروري الالتزام بالتحفظ – خاصة فيما يتعلق بأنوثتي. إلا أن هويتي كانت في حالة صراع! فقد وجدت أنني مضطرة أن اتقمص شخصية غير شخصيتي، حتى وإن كان ظاهرياً فقط، خلال تلك الفترة. كان الرأس والجسد والكاحل مخفياً تماماً خلف ستار فرضه المجتمع، وقد احترمت ذلك احتراماً. وكان الحال كما حال اللغة التي نتلفظ بها – تبدو ظاهرياً ذات اللغة، لكنها في أحيان كثيرة تحتاج إلى مساعدة لتيسير التواصل بيننا.
لقد عدت إلى بيئتي الآمنة، بعد فترة تغيير ساعدت – على قصرها – في اثراء حياتي وتجاربي وأفكاري، لكنني آظل حامدة شاكرة أنني حافظت على هويتي …