
لا شك أن احترام كبار السن يعد من أنبل الأخلاق وأعظمها، فما بالك عندما يكون والدك أو والدتك من هؤلاء كبار السن؟
و إذا كان من سمات الرقي والتحضر والإنسانيه تقديم المساعدة والدعم لكبار السن، فمن الأولى الحرص على تقديم كل العون والرعاية للوالدين عند الكبر، خاصة عندما يتقدم بهما العمر و يصبحان في أشد الحاجة لمن يرعاهما ويلبي طلباتهما ويؤنس وحدتهما.
إن رعاية الوالدين عند الكبر من طاعة الله سبحانه وتعالى، فكم تحمل الأب مشقة العمل كي يوفر لأولاده كافة متطلباتهم من طعام ومسكن وملبس ودراسة ورعاية صحية وترفيهية، وكم تحملت الأم مشقة الحمل والولادة والرضاعة والسهر على راحة فلذات أكبادها وخدمتهم.
أفلا يكون من واجب الأبناء التفاني، وبذل كل ما في وسعهم لرعاية والديهم وإسعادهم؟
من المؤسف أن تصدمنا وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة بقصص حقيقية مخزية ومحزنة عن آباء وأمهات قدموا الكثير، ثم تنكر لهم الأبناء وتخلوا عنهم، أو قاموا بإيداعهم دور المسنين، وعدم السؤال عنهم بكل جحود و نكران للجميل.
فقد قرأنا بكل ألم قصة الشاب الذي اصطحب والده إلى دار المسنين و تركه بها، ورغم توسلات الأب و بكاؤه، لم يرق قلب ولده وانصرف بكل جفاء، ولم يحاول على مدار سنوات أن يزوره أو يسأل عن أحواله.
ساءت حالة الأب صحيا ونفسيا بدرجة كبيرة، فأصيب بمرض الشلل الرعاش وفقد القدرة على التحكم في عضلات جسمه، وأصبحت تنتابه نوبات من الاكتئاب والبكاء.
حاول مسئولو الدار والنزلاء مواساته والتخفيف عنه، فاعترف لهم أنه في شبابه كان قد ضاق ذرعا برعاية والدته المسنة، وأنه قد غلبه شيطانه ذات ليلة باردة، فأخذها خارج المنزل وتركها في الشارع، وهي تظن أنه سوف يعود إليها بعد قليل، وترك معها قصاصة من الورق كتب فيها “من يعثر على هذه السيدة، يوصلها إلى دار المسنين.”
جلست السيدة في انتظاره على قارعة الطريق، وهي لا تدري أنه لن يعود، وفي صباح اليوم التالي علم الشاب أنه قد تم العثور على جثتها …
يقول هذا الرجل: كما تدين تدان، إن ما يحدث لي هو ما أستحقه تماما .. إني أرى أمي في يقظتي ومنامي تعاتبني .. تقول لي قتلتني يا ولدي بعد أن أفنيت عمري في رعايتك وخدمتك؟
فهل يتعظ الأبناء من تلك القصة المأساوية؟