نعيش عصراً مجنوناً، عصر الماديات والمقتنيات والممتلكات، وتحول العالم إلى قرية صغيرة، نستطيع اقتناء كل ما نحلم به أو نتمناه عبر الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعية.
عصر الجنون والاقتناء والشراء أصبح من مقتضيات العصر، ومن الاغراءات والمغريات التي تتحكم كثيراً في حياة نساء كثيرة وزوجات كثيرة. فالكثير من النساء يتلذذن ويستمتعن الملابس وأدوات التجميل والأثاث، وكل ما هو مفيد أو غير مفيد.
فنحن نعيش في عالم استهلاكي، عالم رأسمالي، عالم كل تركيزه على المكسب والاستهلاك السريع والشراء السريع والبيع السريع، فأصبح الايقاع سريعاً.
وأصبح الشراء ملاذ لنساء كثيرات. وأصبح الشراء سهلاً ويسيراً. ولكن جاءت تحديات أكبر، وهي زمن الأوبئة والكورونا، وزمن الحروب الباردة والساخنة، وزمن ارتفاع الأسعار وتزايد وتيرة صعوبات المعيشة اليومية.
ومما لاحظته في بيوتنا الشرقية، والعربية بشكل خاص، أن المرأة العربية دائماً تقتني وتشتري ما يزيد عن حاجتها وما يفيض. فالمرأة المصرية، وربما المرأة العربية بشكل عام، لديها هوس الشراء – شراء الملابس وأدوات الزينة وأجهزة المطبخ وأثاث لا معنى له.
وإذا اشترت طعاماً فتشتريه بكميات كبيرة، وإذا اشترت ملابس، فديها بدل الثوب أثواباً كثيرة، أي ما نسميه باللغة الدارجة المصرية “الكركبة”. وكركبة البيت هي من مسببات الاكتئاب والضغط النفسي والتوتر، وهذا ما أثبته الغرب واثببته الدراسات النفسية. فكلما زادت كركبتك، كلما زادت كركبة دماغك.
وهناك توجه حديث اسمه Minimalism، أو الاختزال – وهو في الحقيقة لب فكرة البساطة والتبسط والزهد. وهذا التوجه هدفه الأساسي أن لا يشتري الإنسان أكثر من احتياجاته، ويبدأ حياته بشراء ما هو هام وما هو ضروري. وهناك دعوات كثيرة، وصفحات كثيرة، تسمى declutter، أي “التخلص من الكركبة”.
وهناك صفحات رائعة تدعو إلى خطوات بسيطة جداً وتصورات عملية جداً للتخلص مما زاد وفاض، والاحتفاظ بالمهم. فنحن الآن في أحوج ما نكون لاستثمار ممتلكاتنا وأشياءنا، بدلاً من اهدارها واهدار أموال طائلة على ما لا يفيد.
هيا بنا سيدتي – ابدأي بالتخلص من الكركبة، وسأعطيكي بعض الخطوات العملية:
- كل يوم، حاولي أن تنظفي دولاب أو ضرفة من الدولاب. تبرعي وتصدقي بما لا تحتاجينه.
- هذه خطة شهرية، يمكن أن تقومي بها على مدار أيام أو أسابيع، حاولي تنظيف الركن المهمل في المطبخ، الدرج المهمل. وتخلصي من عبوات التوابل الكثيرة التي لا تستخدمينها.
- لا تشتري إلا ما هو ضروري وهام لكي ولأولادك.
- اتجهي إلى حجرة الأطفال، وشجعي طفلك على التبرع والتصدق بلعبة أو لعبتين كل فترة، حسب امكانياتك. تخلصي من الأقلام الزائدة. تخلصي من الألوان.
- تخلصي من علب الماكياج الفائضة. تخلصي من زجاجات العطور. تخلصي من الصناديق والعلب الفارغة – تخلصي من الكركبة.
- إذا كان لديك لوحة قديمة أو لوحة لا تستخدمينها، أو قطعة من الديكور لا تحتاجينها، فتبرعي وتصدقي بها.
اجعلي من خطتك للتخلص من الكركبة خطة يومية. كل يوم توجهي إلى حجرة، إلى مطبخك، إلى الحمام، إلى حجرة المعيشة، وهذا الجبل اللا متناهي من المقتنيات سيقل يوماً بعد يوم، حتى يصبح بيتك أوسع وأجمل.
ستشعرين براحة نفسية كل يوم. ستشعرين بأن الكركبة في رأسك ذهبت بعيداً، وستشعرين بالسلام النفسي والراحة. ستقللين من توترك، ومن عصبيتك.
تخلصي!
لا تتشبثي بالماديات والمقتنيات. اعطيها لمن يستحقها، فهناك الكثير من الناس الذين لا يستطيعون شراء واقتناء ما لديك وما يفيض.
تخلصي من الكركبة أو – كما كان الإعلان في مصر في الثمانينات – تبني فكرة “تخلص من حمامك القديم”، وستجدين نفسك في بيت واسع ومريح، تشعرين بقيمة مقتنياتك الأقل، وستشعرين بالنظافة الداخلية والخارجية. ستنعمين براحة البال والهدوء.
تخلصي!
وانسفي حمامك القديم – وتخلصي من كركبتك الداخلية والخارجية، سيدتي.
