المرأة الفلسطينيةفضفضي واحكيلناماما الخارقة

المرأة الفلسطينية وانتفاضة الأقصى

أطفال فلسطين ومحمد الدرة

“من هو محمد الدرة؟”

وجهت هذا السؤال لاحدى زميلاتي بعد إمتحان اللغة العربية، الذي قرأت فيه القصيدة التي تتحدث عنه في سؤال البلاغة، عندما كنت طالبة في الصف الأول الثانوي.

دُهشت زميلتي وقالت: “فيه حد مايعرفش مين محمد الدرة؟!”

وإكتشفت أنه طفل فلسطيني قُتل علي يد الإحتلال الإسرائيلي، وكنت وقتها لا أتابع الأخبار عن كثب، وأحسست بالعار والخزي من جهلي الشديد، ولكني كنت أعلم جيداً – في هذا الوقت – حجم المعاناة التي يمر بها الشعب الفلسطيني أجمع، جراء ما يحدث علي أرضه المُحتلة منذ عقود. وبعد كل هذه السنوات، إكتشفت أن محمد الدرة استُشهد أثناء أحداث الإنتفاضة الثانية أو إنتفاضة الأقصى عام 2000.

وإنتفاضة الأقصى، مثلها مثل إنتفاضة الحجارة أو الإنتفاضة الأولى، لها أسبابها التي دعت إليها ولضرورة قيامها. كما شهد فيها الشعب الفلسطيني العديد من الجرائم والإنتهاكات، أبرزها ماحدث للنساء والأطفال اللذين كانوا هدفا واضحا للإحتلال الإسرائيلي الغاشم الذي لايفرق بين كبير وصغير، أو رجل و إمرأة، أو مسلم ومسيحي، فالكل عنده سواء. ولم يرد الشعب الفلسطيني فقط على العدوان الإسرائيلي، بل رد أيضا علي دعوات تقويض الإنتفاضة، مثل مؤتمر شرم الشيخ الأول، الذي كان يسعي لوقف الإنتفاضة وإخمادها بأسرع وقت، وكأن هذه الإنتفاضة إندلعت من فراغ.

لماذا إندلعت إنتفاضة الأقصى؟

ليس الشعب الفلسطيني شعباً مجنوناً، ينتفض ويثور ويغضب بلا سبب. فهناك دائما ما يثير غضبه ويحركه للدفاع عن أرضه وعرضه وأبنائه، وهذا حق مكفول لكل الشعوب علي وجه الأرض. والسبب المباشر لاندلاع الإنتفاضة وتحرك الشارع الفلسطيني بشكل علني ومباشر، هو دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصي برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المُصلين إلي التجمهر ومحاولة التصدي له، وكانت هذه الحادثة هي شرارة البدء، التي توالت على أثرها الأحداث في هذه الإنتفاضة.

أحداث في الانتفاضة الثانية

ولكي أثبت لكم جميعا أن الإحتلال الإسرائيلي غاشم ولا يفرق بين أحد علي الإطلاق، فقد إستهدف طبيباً ألمانياً، يُدعي هارولد فيشر، وكان يقطن في بيت جالا مع زوجته الفلسطينية وأبنائه الثلاثة، وذلك بقذيفة دبابة بترت ساقه فنزف حتي الموت. فإذا كان الإحتلال يستهدف عناصر المقاومة الفلسطينية – كما يدعي كذباً – فما ذنب هذا الطبيب الألماني الأعزل؟

ومن الأمثلة الأخري التي لا حصر لها، (وأنا لا أبالغ أبدا حينما أقول ذلك فقد قرأت بتمعن وأدركت أن حرب إسرائيل هي حرب على الإنسانية وليس المقصود شعب بعينه)، هو مثال شن المستوطنون هجمات علي الأشجار المُثمرة في أنحاء فلسطين، فجرفوا الأراضي الزراعية، وأتلفوا قدراً هائلاً من المحاصيل. ما ذنب هذه الأشجار؟ وما ذنب المساجد التي اعتدى المستوطنون على عدد كبير منها بالحرق والتدنيس وإلقاء القاذورات فيها مثلما حدث في مسجدي طبريا ويافا؟

الجرائم التي إرتُكِبت في حق المرأة الفلسطينية وأطفال فلسطين الأبرياء

لك أن تتخيل أن هناك جرائم من نوعية منع النساء الحوامل من الوصول إلي المستشفيات مما أدى إلي إجهاضهن أو ولادتهن علي الحواجز العسكرية وسط سخرية الجنود الإسرائليين وإستهزائهم، وكأنهم يستهزأون بحيوانات وليس ببشر مثلهم.

تخيل معي أيضا مشهد موت الطفل محمد الدرة، الذي ذكرته في بداية مقالي، والذي قتله الإسرائيليون في حضن أبيه وهما يختبئان خلف برميل إسمنتي في غزة، ليكسب تعاطف العالم كله. وفي الأسبوع الأول من الإنتفاضة، قتلت قوات الإحتلال طفلة لم يتجاوز عمرها عامين، وإسمها سارة عبد العظيم حسن من نابلس.

وعند تفحص الإحصائيات الموثَقة لجرائم الإحتلال بحق المدنيين العزل، والأطفال على وجه الخصوص، إستناداً إلى مصادر الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فرع فلسطين، فإن هناك ما لا يقل عن 1148 إصابة بين الأطفال، من أصل 3104 مُصاب، أي ما نسبته 37% من مجموع الإصابات. وهناك 4 حالات موت سريري، إضافة إلي العديد من الأطفال المُصابين في غرفة العناية المركزة. كما أن هناك 132 إصابة بالرأس لدى الأطفال، منها 20 إصابة في العين، فَقَدَ ثلاثة أطفال أعينهم بسببها.

خَسِيءَ كل من ادعى أن الشعب الفلسطيني العظيم شعب إرهابي لا يعرف لغة السلام، وأدعو كل من يتهم الشعب الفلسطيني بهذا الاتهام الباطل أن يتأمل إنتفاضة الأقصي هذه، وأسباب إندلاعها، وماحدث فيها من جرائم ضد الإنسانية، إستهدفت حتى الأشجار التي تنمو على الأرض، وكيف أن الإحتلال استهدف البراءة والطفولة، ولم يرحم المرأة الحامل وإستهزأ بها وأهان كرامتها.

وفي نهاية الأمر أرادوا تقويض الإنتفاضة وإنهائها، ولكن لم يسكت الشعب العظيم عن حقه، ورفض كل المحاولات التي في ظاهرها تدعو إلي السلام …

ومازال يناضل حتي الأن.

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى