مقهى النصف الآخر

إلياس خوري (1948-2024)

لقد كان إلياس خوري من الأدباء العرب القلائل الذين تمكنوا من الوصول للعالمية، وإستطاع الوصول لهذه المكانة العالمية بفضل رواياته الرائعة “باب الشمس“، التي تمت ترجمتها إلي عدة لغات عالمية من بينها اللغة العبرية. ووصل للعالمية أيضًا بفضل عمله كأستاذ زائر، حيث درّس في جامعات في الولايات المتحدة الأمريكية وجامعات أخري في أوروبا، في دول مثل: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وسويسرا، إلى جانب – بالطبع – تدريسه في الجامعات اللبنانية مثل الجامعة الأمريكية في بيروت. وتمكن إلياس خوري من الكتابة بإتقان عن موضوع أدب الحرب في كتبه حيث كانت الحروب وقتها محط أنظار العالم.

 

أعمال إلياس خوري الأدبية العالمية

كتب إلياس خوري حوالي أربعة عشر رواية، تُرجمت جميعها لعدة لغات، وكانت أشهر رواياته رواية “باب الشمس”، والتي تحولت إلى فيلم سينمائي أخرجه المخرج المصري يسري نصر الله، وهو أحد أصدقاء إلياس خوري.

وذاع صيت هذه الرواية كثيرًا، لدرجة أن رجل من العامة تشاجر مع إلياس خوري نفسه، زاعمًا أن المؤلف أعطي لنفسه الحق ليكتب عن قصة حياة عمه الشخصية في كتابه. وعلق إلياس خوري على هذه الواقعة وقال إنه لا يستغل قصص الناس الشخصية، ولا يكتب عنها بشكل صريح في رواياته بشكل عام، ولكنه مع ذلك سعيد جدًا بتفاعل القراء مع رواياته، وشعورهم بالتطابق التام بين شخصياتهم وشخصيات رواياته.

والسبب الأخر في شهرة رواياته وترجمتها على نطاق واسع، هو جمال حبكاته الدرامية، فعلى سبيل المثال كتب رواية تُرجمت حديثًا بعنوان “كأنها نائمة”، وتتحدث هذه الرواية عن إمرأة تحاول الهرب من حياتها الواقعية اليقظة الصعبة بالنوم والعيش في عالم الأحلام.

وفي هذه الرواية يناقش إلياس خوري ازدواجية الأحلام: فالأحلام واقعية وغير واقعية، وفي نفس الوقت قد تكون جميلة ودرامية مأسوية.

لذلك كانت رواياته شديدة الواقعية، والدليل على ذلك روايته الشهيرة “الأقنعة البيضاء”، فبعد أن نشر هذه الرواية، أخبره زميل له أنه رأى أحد شخصيات روايته في ميدان قريب. شعر خوري في بداية الأمر أن صديقه يسخر منه، ولكن عندما ذهبا معًا إلى الميدان، رأى بالفعل الشخصية التي كتب عنها، وهو نفس الرسام الذي يرتدي نفس المعطف والقبعة، ويحمل نفس الدلو، ويرسم نفس اللوحة التي وصفها إلياس خوري في روايته.

وهنا أدرك إلياس خوري أن الفن يحاكي ما يحدث في الحياة، وقد تقتبس الحياة نفسها ما يحدث في الفن والأعمال الفنية. ولذلك فواقعية أعمال إلياس خوري حققت له الشهرة العالمية.

 

نجاح إلياس خوري الأكاديمي

قام إلياس خوري بالتدريس في العديد من الجامعات العالمية، مثل جامعة نيويورك، وجامعة هيوستن، وكلية بيركلي، وجامعة شيكاغو، وجامعة كولومبيا، وجامعة جورج تاون، وجامعة مينيسوتا، وجامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية.

كما درّس أيضًا في جامعة بواتييه بفرنسا، وجامعة لندن في المملكة المتحدة، وجامعة برلين في ألمانيا، وجامعة زيورخ في سويسرا، وفي وطنه درس في الجامعة الأمريكية في بيروت وفي الجامعة اللبنانية.

 

اهتمام إلياس خوري بالإنسان

ركزت كتابات إلياس خوري، سواء في الصحافة أو في رواياته، على حدثين مهمين ساهما في تشكيل عالمه الخاص، وهما: الحرب الأهلية اللبنانية والتي استمرت من سنة 1975 وحتى سنة 1990، ومحنة الشعب الفلسطيني بعد إعلان إقامة دولة إسرائيل.

كما اهتم اهتمامًا شديدًا بعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين هربوا إلى لبنان في عام 1948 وبعد حرب 1967 التي استمرت ستة أيام وعُرِفت باسم النكسة.

 

أقولها دائما، بأن لبنان هي بلد الثقافة والحضارة والرقي، لذلك ليس من العجيب أن نرى رجلًا مثل إلياس خوري وقد استطاع أن يصل إلى العالمية كأديب عظيم، وتبوأ مكانته الأدبية والأكاديمية بين كبار الأسماء في العالم. ولم يكن وصوله للعالمية أمرًا سهلًا؛ لأنه عمل كأديب وعمل أيضا كأستاذ جامعي في أمريكا وأوروبا وفي وطنه لبنان. أما تركيزه على أدب الحرب، فقد لفت أنظار العالم لأعماله الأدبية؛ لأن موضوع الحرب من الموضوعات التي يهتم بها الناس في جميع أنحاء العالم.

بواسطة
مي متولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى