رمضانياتكنوز تراثية

قصة النبي موسى عليه السلام

16

﴿واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا﴾ –   سورة مريم: ٥١ – ٥٣

 

هو موسى بن عمران (كليم الله)، ولد في مصر وخشيت عليه أمه من القتل عقب ولادته، إذ كان فرعون يقتل جميع المواليد الذكور من بني إسرائيل، خشية تحقق نبوءة أن يخرج منهم من يقضي عليه.

أوحى الله تعالى إلى الأم أن تضعه في تابوت وتلقي به في اليم. وإلتقطت إحدى جواري القصر الطفل، ولما رأته آسيا، ٱمرأة فرعون، قررت أن تتخذه ولدا. إمتنع الصغير عن الرضاعة وكانت أخته تتقصى أخباره عن كثب، فأرشدتهم إلى مرضعة (هي أم موسى)، وهكذا رد الله الطفل إلى أمه؛ كي تقر عينها بالقرب منه.

نشأ موسى في قصر فرعون وأصبح شابا قوياً. ذات يوم كان يسير في المدينة فرأى رجلين يقتتلان، أحدهما قبطي والآخر من بني إسرائيل، فتعاطف مع الذي من قومه ووكز القبطي فقتله دون قصد، وندم على فعلته وتاب إلى الله فقبل توبته، وخشي انتقام أهل القبطي، وخرج متوجها إلى مدين واستقر في مكان قريب من السقاية.

أثناء جلوسه شاهد فتاتين تنتظران دورهما لسقاية الأغنام، فتقدم وسقى لهما بعد ن علم أن أباهما شيخ طاعن في السن. وعندما علم أباهما بما حدث، أرسل إحدى ابنتيه لإحضار موسى لكي يشكره. أشارت البنت على والدها أن يستعين بموسى للعمل لديه، فاقترح الأب على موسى أن يعمل عنده مدة ثمانية أو عشرة أعوام مقابل الزواج من إحدى ابنتيه، ووافق موسى على العرض.

بعد مرور عشر سنوات اصطحب موسى زوجته عائدا إلى مصر. في الطريق ذهب موسى لإحضار نار فسمع صوتا يناديه. كان صوت الله سبحانه وتعالى، يتحدث إلى موسى، يمنحه شرف النبوة، ويكلفه بدعوة قومه إلى عبادة الله وحده، كما طلب منه تبليغ الرسالة إلى فرعون ملك مصر، و سمح له باصطحاب أخيه هارون كي يشد من عضده.

إستقبل فرعون دعوة موسى بالاستهزاء والتكبر، واستنكر أن يكون الطفل الذي تربى في قصره قد أصبح نبياً، واتهمه بالإصابة بالجنون أو ممارسة السحر، ثم استدعى السحرة لكي يقوموا بالتغلب عليه، وإثبات كذبه.

ألقى السحرة عصيانهم وحبالهم وسحروا أعين الناس، فرأوها ثعابين تسعى. وأوحى الله تعالى إلى موسى، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان كبير يلقف ثعابين السحرة. أيقن السحرة أن الشخص الماثل أمامهم ليس ساحرا، بل هو نبي مبعوث من الله عز وجل، وسرعان ما سجدوا له وأعلنوا إيمانهم به رغم تهديد فرعون لهم.

دعا موسى الله تعالى بمعاقبة فرعون وأتباعه، فأرسل الله عليهم الطوفان والضفادع والقمل والجراد والدم، وأوحى الله إلى موسى وقومه بالخروج من مصر هربا من بطش فرعون. علم فرعون بخروجهم فطاردهم حتى شاطىء البحر. وأوحى الله تعالى لموسى أن يضرب البحر بعصاه، فانشق البحر وبرز جزء من اليابس وسط الماء عبر منه موسى و قومه، وحين سار فرعون و أتباعه خلفهم، غرقوا جميعا، ولكن حفظ الله جثة فرعون حتى تظل عبرة لكل ظالم في كل زمان ومكان.

استقر بعد ذلك موسى وقومه في مكان يسكنه قوم يعبدون الأصنام، وفوجيء موسى بقومه يطلبون أن تكون لهم آلهة مماثلة من الأصنام. توجه موسى إلى الجبل وطلب رؤية ربه، فتجلى الله تعالى للجبل فانهار، وسقط موسى مغشيا عليه من هول الموقف ثم استغفر ربه، وأنزل الله عليه ألواحا مكتوبا عليها وصايا التوراة كي يهتدي بها ويعلمها للناس.

عند عودة موسى للقوم وجدهم يعبدون عجلا اتخذه لهم السامري، فأخذ يعلمهم الوصايا وينصحهم. ثم دعاهم لدخول الأرض المقدسة في أريحا، والجهاد في سبيل الله، فرفضوا وقالوا له: إذهب أنت وربك وقاتلا هؤلاء القوم الجبارين.

غضب موسى غضبا شديداً، ودعا الله أن يعاقبهم، فحكم عليهم بالشتات أربعين سنة في الأرض. ندم موسى على دعائه عليهم، فأرسل الله لهم السحب تظللهم، وأنزل عليهم طيور السلوى، ورزقهم نبات المن، وفجر لهم يناببع الماء لعلهم يهتدون. إستمر موسى يدعو قومه ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، حتى توفي ودفن بالقرب من بيت المقدس.

الدروس المستفادة من قصة النبي موسى عليه السلام:

– الله تعالى يغفر لعباده الصالحين التائبين ذنوبهم، فقد غفر للنبي موسى عليه السلام القتل الخطأ الذي ارتكبه بدون قصد.

– أرسل الله عدة معجزات على يد موسى ليثبت نبوته لبني إسرائيل، ولكنهم كانوا يماطلون ويعارضون نبيهم حتى أغضبوه ودعا الله عليهم فعاقبهم، فالتاريخ يعلمنا أنهم قوم لا عهد لهم.

– الكبر والعناد والاستهزاء بالأنبياء، رغم وجود المعجزات الدالة على صدقهم، يستوجب العقاب، وهذا ما حدث لكثير من المخالفين للفطرة السليمة التي تدرك وجود خالق لهذا الكون، ومنهم فرعون الذي كفر وطغى وتجبر ولم يؤمن إلا حين أدركه الغرق، فلم يقبله الله تعالى بل جعله عبرة لمن يعتبر.

 

ولنا في قصص الأنبياء عبرة …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى