فضفضي واحكيلناراحة بالك

الشخصيات السامة

أحيانا نقع فريسة لبعض الشخصيات السامة التي تؤثر تأثيراً سلبياً بالغاً علينا مع الأسف .. لو قلنا هذا لبادرنا البعض بنصيحته – ابعد عنهم فورا!

لو كان الأمر بهذه السهولة، ماعنينا منهم أبدا… ولكن معاناتنا منهم نتيجة لالتصاقنا بهم وارتباطنا معهم. فالشخص السام دائماً ما يحط من قدرك، ويبحث عن طرق لالقاء اللوم عليك والتحكم فيك … يصيبنا بالتوتر والاحساس أننا مخطئين، ولسنا علي قدر من المسئولية أو من التصرف الصائب ..

نعدو داخل دائرة مفرغة، وهو يسمم حياتنا، ونحن نتألم ونمرض ونفكر في خطايانا التي ازعجته وجعلته ينكد علينا بشكل دائم … هذه العلاقة “التوكسيك” تتسبب في سوء حالتنا النفسية والجسدية … وتؤثر علي طموحنا في الحياة … فتشعر دائما معه أن أحدهم يقبض بكلتا يديه علي عنقك كي يزهق روحك، وانت تحاول الخلاص والفرار من هذا الاختناق …

تحدثت مع بعض الأصدقاء الذين يعانون من أشخاص سامة في حياتهم، فقالت لي احدى الزوجات عن زوجها: هو شخص سام … يحاول دائما أن يسمم حياتي … يدعوني إلى الاهتمام به والتركيز معه … مأكله … ملبسه … مرضه … فرحه … حزنه … كل ما يخصه، وفي المقابل لا يعيرني أي اهتمام .. فاذا مرضت لا يتحرك له ساكن … ولا ينطق بكلمة طيبة … بل يمكنه التظاهر بأنه يعاني نفس الألم حتي نكون سواسيه، فلا يطالب بتأثر أو اهتمام أو غيره … يلومني على كل كبيرة وصغيرة … حتي لو لأناس غيري، فاجدني مسئولة عن أفعالهم المذمومة، وتتم محاسبتي عنهم بكل قسوة وإهانة … يدعوني لمجالسته وتناول كوب من الشاي معه، ونتجاذب أطراف الحديث معا، وكأي زوجة تحب زوجها وبيتها، تسارع بهذه الجلسة، ولكنه يحولها فجأة الي جلسة عقاب ومحاسبة، لماذا تشاهدين هذا المسلسل؟ لماذا اشتريت هذا الشئ؟ ابنك عمل كذا وانت السبب! بنتك عملت كذا وأنت الملامة! وهكذا … حتي انها أقسمت لي بأنها تخاف من هذه الجلسة منفردين، وتحبذ دائما وجود شخص ثالث أو اكثر بينهما، كي تخف حدة نقده لها ويشغله عنها آخرون.

وعلي نفس الصعيد، حدثني زوج عن زوجته وقال: زوجتي شخصية سامة، تتفنن في العكننة والنكدـ فاذا طلبت منها زيارة مريض أو واجب عزاء، تهب وتسرع بالذهاب … أما اذا طلبت منها ان نخرج لمسرح أو سينما أو نتنزه في أي مكان، تتحج بالمرض أو الرغبه في النوم والراحة … تجيد حبك الدراما الحياتية ولا ترى أي جمال غير نفسها، والباقون مخطئون، بل واصحاب اوزار لا يمكن غفرانها … ترتدي ثوب الورع والالتزام بالدين وتتهم الجميع بالكفر والالحاد.

وقالت فتاه عن أمها:

أمي دائما تشدني إلى الأسفل، ولاتهتم بي أبدا، بل تجيد تحطيم كياني … فدائما تقلل من شأني سواء أمامي او أمام الآخرين … فإذا ارتديت فستانا واهتميت بنفسي، تصفني بالقردة المتزينة، وإذا رأت لي صديقة تحاول ان تصادقها ثم تشكو لها عني وعن عدم نظافتي وعدم نظامي وانفعالاتي غير المبررة، وتبدا صديقتي تنصحني وتنسي دورها كصديقة، وترتدي رداء الناصحين المربيين … تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياتي … لايعجبها عملي او اختياراتي … تضيق علي الخناق دائما حتي أني أصبحت أفكر في كيفية الخلاص من هذا الارتباط … وأريد قبول أي عريس يتقدم لي لكي يخلصني من هذا السم القاتل في حياتي، فهي تستنزف طاقتي الايجابية، وتجعلني بائسة مكسورة القلب …

وقد أثبتت دراسات قامت بها جامعة “فريدريش شيلر” في ألمانيا، أن التعرض للمنبهات التي تسبب مشاعر سلبية قوية، وتؤثر علي الدماغ، هو نفس التعرض الذي نحصل عليه عند التعامل مع الأشخاص ذوي الصفات السامة؛ لأنهم يدفعون دماغنا الي حالة من التوتر والضغط الكبيرين. فالشخص السام نرجسي لا يرى أهمية لأحدغير نفسه، وهو دائما علي صواب؛ لأنه يفهم ويعرف أكثر من الآخرين، ويحاول دائما معرفة كل شئ عنك، ثم يسرها في أجندة سرية لديه ويستعملها ضدك في أي وقت شاء، وهو مصاص للمشاعر كمصاص الدماء، ويعشق السيطرة ويحرك الآخرين كالدمي في يديه، ويعشق الثرثرة والنميمة، وعصبي يأكل نفسه كالنار المتوهجة …

والسؤال هنا اذا كان صاحب الشخصية السامة هذه هو قريب منا جدا كأب أو أم أو أخ أو ابن أو زوج أو زوجة … ماذا نفعل حياله؟

يجب الحذر من تأثيره السلبي علينا وإلا فإننا ننقل لأنفسنا عدوى السلبية، وعلي قدر الامكان يجب وضع حدود معه وتجنب الدخول في محادثات معه، ونحاول دائما اختلاق الاعذار للتهرب منه، ويجب أن نقابل انتقاده لنا بعدم المبالاة …

شفاه الله وعافانا

بواسطة
منى حسن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى